قال ابن عبد ربه الأندلسي [ المتوفى سنة 328هـ = 940م ] في كتابه " العقد الفريد " :
"يقال: إنَّ أصدق بيت قالته العرب قولُ لَبيد:
ألاَ كُل شيءٍ ما خلا الله باطلُ *** وكُل نَعيم لا محالةَ زائلُ ". أهـ
وقال علي بن الحسين المعروف بـ " أبي الفرج الأصفهاني " ـ [ والمتوفى سنة 384هـ = 967م ] ـ في كتابه " الأغاني " :
" أخبرني محمد بن خلف وكيع والحسين بن يحيى قالا : حدثنا حماد عن أبيه قال :
قال أبو عمرو بن العلاء : لم تقل العرب بيتاً قط أصدق من بيت الحطيئة:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه *** لا يذهب العرف بين الله والناس
فقيل له: فقول طرفة:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً *** ويأتيك بالأخبار من لم تزود
فقال: من يأتيك بها ممن زودت أكثر، وليس بيتٌ مما قالته الشعراء إلا وفيه مطعنٌ إلا قول
الحطيئة:
... (البيت ) ... *** لا يذهب العرف بين الله والناس
قال إسحاق قال المدائني :
قال سلم بن قتيبة : ما أعلم قافيةً تستغني عن صدرها وتدل عليه وإن لم ينشد مثل قول الحطيئة :
... (البيت ) ... *** لا يذهب العرف بين الله والناس ". أهـ
وقال الحسن بن عبد الله المعروف بـ " أبي هلال العسكري " ـ [ والمتوفى سنة 395هـ = 1005م ] ـ في كتابه " ديوان المعاني " :
" أخبرنا أبو أحمد عن الصولي ، عن أبي العيناء ، قال :
قال الأصمعي : أصدق بيت قالته العرب وأحكمه قول الحطيئة :
من يفعل الخيرَ لا يَعدم جوازِيَه ُ *** لا يذهبُ العرفُ بين الله والناسِ ". أهـ
وذكر في موضع ثاني من الكتاب :
" وأخبرنا أبو أحمد عن رحالة ، قال : قيل لرجل سماه: أنشدنا أصدق بيت قالته العرب .
قال: الناس يقولون :
كل امرىء في شأنه ساعي
وأنا أقول:
كأن مُقرّ حين يغدو لحاجة *** إلى كلِّ من يلقى من الناس مذنبُ
وأصدق بيت قاله محدث قول البحتري:
نصليك في الأكروُمتين فإنما *** يسودُ الفتى من حيثُ يسخو ويَشْجَعُ
زرعتُ رجاءً في ذراك مُبكراً *** وجُلُّ حصادِ المرءِ من حيثُ يزرع ". أهـ
وقال يوسف بن عبدالله المعروف بـ " ابن عبد البر القرطبي " ـ [ المتوفى سنة 468هـ = 1071م ] ـ في كتابه " بهجة المجالس " :
" روى عبد الملك بن عمير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة ، قال:
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : أصدق كلمة قالها الشاعر، قول لبيد :
ألا كلّ شئٍ ما خلا اللّه باطل *** ...( البيت )
قالوا: أصدق بيت قالته العرب، قول القائل:
وما حملت من ناقةٍ فوق ظهرها *** أبرّ وأوفى ذمّةً من محمّد ".
وفي كتاب " خزانة الأدب " , ذكر عبد القادر البغدادي ـ [ المتوفى سنة 1093هـ = 1682م ] ـ أنه :
" ... في صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد:
ألا كل شيءٍ ما خلا الله باطل *** ... ( البيت )
وفي رواية لهما: أشعر كلمة تكلمت بها العرب كلمة لبيد .
وقد روي أيضاً بألفاظ مختلفة ، منها: إن أصدق كلمة .
ومنها : إن أصدق بيت قالها الشاعر .
ومنها : أصدق بيت قالته الشعراء .
وكلها في الصحيح .
ومنها : أشعر كلمة قالتها العرب ". أهـ
وفي موضع ثاني من الكتاب :
" وقال ابن حجر في الإصابة :
ذكر ابن إسحاق في المغازي أن عمرو بن سالم الخزاعي ، خرج في أربعين راكباً يستنصرون رسول الله صلى الله عليه وسلم على قريش ، فأنشده :
لا هم إني ناشدٌ محمدا *** عهد أبينا وأبيه الأتلدا
الأبيات.
ثم قال: يا رسول الله ، إن أنس بن زنيم هجاك ! .
فهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه .
فبلغه ذلك ، فقدم عليه صلى الله عليه وسلم معتذراً ، وأنشده أبياتاً مدحه بها ، وكلمه فيه نوفل بن معاوية الدؤلي فعفا عنه.
ومن تلك الأبيات:
فما حملت من ناقةٍ فوق رحلها *** أبر وأوفى ذمة من محمد
قال دعبل بن علي في طبقات الشعراء: هذا أصدق بيتٍ قالته العرب ". أهـ
وذكر الحسن بن مسعود المعروف بـ " اليوسي " ـ [ والمتوفى سنة 1103هـ = 1691م ] ـ في كتابه " المحاظرات في الأدب واللغة " :
" وأصدق بيت قالته العرب قول الشاعر:
وما حملت ناقة فوق رحلها *** أبَرَّ وأوفى ذمة من محمد
وقيل: قول أبي ذؤيب:
والنفس راغبة إذا رغبتها *** وإذا ترد إلى قليل تقنع
وقيل: قول الحطيئة:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه *** لا يذهب العُرف بين الله والناس
وقول طرفة:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً *** ويأتيك بالأخبار من لم تزود
وكان صلى الله عليه وسلم يذكره ويقول : ويأتيك بالأخبار من لم تزوده بالأخبار.
ويقول عليه السلام : التركيب أو المعنى واحد .
فيقول أبو بكر رضي الله عنه: أشهد أنك رسول الله ، وقد قال الله تعالى : (وما علمناه الشعر) رجع .
وقيل: قول امرئ القيس:
الله أنجح ما طلبت به *** والبر خير حقيبة الرجل
واعلم أن هذا الخلاف في هذه الأبيات وكذا في هذه التراجم ليس اختلاف تناقض ، فإنها كلها صحيحة ، وإنما ذلك أن كلاً يتكلم بما عرف أو بما حضر في فكره فافهم ". أهـ
ـ المراجع :
ـ الأغاني : أبو الفرج الأصفهاني .
ـ المحاضرات في الأدب واللغة : اليوسي .
ـ الموسوعة الشعرية الإلكترونية : المجمع الثقافي 2003.
ـ بهجة المَجالس وأنس المُجالس وشحن الذاهن والهاجس : ابن عبد البر القرطبي .
ـ خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب : عبد القادر البغدادي .
ـ ديوان المعاني : أبو هلال العسكري .
ـ موسوعة الشعر العربي الإلكترونية : مؤسسة محمد بن زايد آل مكتوم ـ الإصدار الأول .