قال ابن عبد ربه الأندلسي ـ [ المتوفى سنة 328هـ = 940م ] ـ في كتابه " العقد الفريد " :
" وقال الأحوص في الفخر، وهو أفخر بيت قالته العرب:
ما من مصيبة نكبة أرمى بها *** ألا تشرفني وترفع شاني
وإذا سألت عن الكرام وجدتني *** كالشمس لا تخفى بكل مكان ". أهـ
وذكر في موضع ثاني من الكتاب :
" وقد قالوا: إنَّ لحسَّان بن ثابت أفخرَ بيت قالته العرب، وأحكمَ بيت قالته العرب. فأما
أفخر بيت قالته العرب، فقوله:
وبيوم بَدْرٍ إذ يرد وجوهَهم *** جِبريل تحت لِوائنا ومحمدُ
وأما أحكم بيت قالته العرب، فقوله:
وإنَ امرأً أَمسى وأصبح سالماً *** من النَّاس إلا ما جَنى لسعيدُ ". أهـ
وفي كتاب " الأغاني " ذكر الأصفهاني [ المتوفى سنة 384هـ = 967م ] , أن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان سأل أعربيا , فقال :
" فأي بيتٍ قالته العرب أفخر؟ .
قال: قول جرير:
إذا غضبت عليك بنو تميم *** حسبت الناس كلهم غضابا ".أهـ
وذكر في موضع ثاني من الكتاب أنه :
" قال أبو عكرمة الضبي: قال المفضل الضبي:
كنت يوماً جالساً على بابي وأنا محتاج إلى درهم ، وعلي عشرة آلاف درهم ، إذ جاءني رسول المهدي .
فقال: أجب أمير المؤمنين.
فقلت: ما بعث إلي في هذا الوقت إلا لسعاية ساع .
وتخوفته لخروجي ـ كان ـ مع إبراهيم بن عبد الله بن حسن ، فدخلت منزلي ، فتطهرت ولبست ثوبين نظيفين ، وصرت إليه , فلما مثلت بين يديه سلمت ، فرد علي، وأمرني بالجلوس , فلما سكن جأشي .
قال لي: يا مفضل ، أي بيت قالته العرب أفخر؟ .
فتشككت ساعة ، ثم قلت: بيت الخنساء.
وكان مستلقياً فاستوى جالساً، ثم قال: وأي بيت هو؟ .
قلت قولها:
وإن صخرا لتأتم الهداة به *** كأنه علم في رأسه نار
فأومأ إلى إسحاق بن بزيع ، ثم قال : قد قلت له ذلك فأباه.
فقلت: الصواب ما قاله أمير المؤمنين.
ثم قال: حدثني يا مفضل.
قلت: أي الحديث أعجب إلى أمير المؤمنين؟ .
قال: حديث النساء.
حتى انتصف النهار، ثم قال لي: يا مفضل، أسهرني البارحة بيتا ابن مطير .
قال: وما هي يا أمير المؤمنين؟ .
قال: قوله:
وقد تغدر الدنيا فيضحي فقيرها *** غنياً ويغنى بعد بؤسٍ فقيرها
فلا تقرب الأمر الحرام فإنه *** حلاوته تفنى ويبقى مريرها
ثم قال: ألهذين ثالث يا مفضل؟ .
قلت: نعم يا أمير المؤمنين.
فقال: وما هو؟ .
فأنشدته قوله:
وكم قد رأينا من تغير عيشةٍ *** وأخرى صفا بعد ادرار غديرها
وكان المهدي رقيقاً فاستعبر، ثم قال: يا مفضل ، كيف حالك؟ .
قلت: كيف يكون حال من هو مأخوذ بعشرة آلاف درهم؟ .
فأمر لي بثلاثين ألف درهم، وقال: اقض دينك، وأصلح شأنك، فقبضتها وانصرفت ". أهـ بتصرف
وعن أبي هلال العسكري [ المتوفى سنة 395هـ = 1005م ] , ومن كتابه " ديوان المعاني " أنه قال :
" قالوا: أفخر بيت قالته العرب قول جرير:
إذا غضبت عليك بنو تميم *** حسبت الناسَ كلهم غضابا ". أهـ
وذكر في موضع ثاني من الكتاب أنهم :
" وقالوا: أفخر بيت قالته العرب ، قول الفرزدق:
ترى الناسَ ما سِرنا يَسيرونَ خلفَنا *** وإن نحنُ أومأنا إلى الناس وقَّفوا ". أهـ
وفي موضع ثالث من الكتاب قال :
" وقالوا: أفخر بيت قالته العرب قول كعب بن مالك الأنصاري:
وببئرِ بدرٍ إذ يَرُدٌّ وجوهَكم *** جبريلُ تحتَ لوائِنا ومحمد ". أهـ
وقال ابن رشيق القيرواني ـ [ المتوفى سنة 463هـ = 1071م ] في كتابه العمدة " العمدة " , تحت عنوان " باب الافتخار " ـ:
" والإفتخار هو المدح نفسه ، إلا أن الشاعر يخص به نفسه وقومه ، وكل ما حسن في المدح حسن في الافتخار ، وكل ما قبح فيه قبح في الافتخار ؛ فمن أبيات الافتخار قول الفرزدق:
إن الذي سمك السماء بنى لنا *** بيتاً دعائمه أعز وأطول
قال أحمد بن يحيى: أفخر بيت قالته العرب قول امرئ القيس:
ما ينكر الناس منا حين نملكهم *** كانوا عبيداً وكنا نحن أربابا؟
وقال دعبل بن علي:
أفخر الشعر قول كعب بن مالك:
وببئر بدر إذ يرد وجوههم *** جبريل تحت لوائنا، محمد
وقال الحاتمي: قول الفرزدق:
ترى الناس إن سرنا يسيرون خلفنا *** وإن نحن أومأنا إلى الناس وقفوا
قال: ويتلوه قول جرير:
إذا غضبت عليك بنو تميم *** حسبت الناس كلهم غضابا
وقال آخرون: بل بيت الفرزدق:
ونحن إذا عدت معد قديمها *** مكان النواصي من وجوه السوابق
وقال غيرهم: بل قوله لجرير:
وإذا نظرت رأيت فوقك دارماً *** والشمس حيث تقطع الأبصارا
وقيل: بل قول ابن ميادة واسمه الرماح بن أبرد :
ولو أن قيساً قيس عيلان أقسمت *** على الشمس لم يطلع عليك حجابها
وأفخر بيت صنعه محدث عندهم بشار:
إذا ما غضبنا غضبة مضرية *** هتكنا حجاب الشمس أو قطرت دما
إذا ما أعرنا سيداً من قبيلة *** ذرا منبر صلى علينا وسلما ". أهـ
وذكر اليوسي [ المتوفى سنة 1103هـ = 1691م ] في كتابه " المحاضرات في الأدب واللغة " , وتحت عنوان " أفخر بيت قالته العرب " أنه :
" أفخر بيت قالته العرب قول "الشاعر وينسب" لحسان في النبي صلى الله عليه وسلم:
له همم لا منتهى لكبارها *** وهمته الصغرى أجل من الدهر
له راحة لو أن معشار جودها *** على البر كان البر أندى من البحر
و"قيل": قول امرئ القيس:
ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة *** كفاني ولم أطلب قليل من المال
ولكنما أسعى لمجد مؤثّل *** وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي
وقيل: قول الفرزدق:
ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا *** وإن نحن أومأنا إلى الناس وقَّفُوا
ونحوه قول جرير:
إذا غضبت عليك بنو تميم *** وجدت الناس كلهم غضابا ". أهـ
ـ المراجع :
ـ الأغاني : الأصفهاني .
ـ العقد الفريد : ابن عبد ربه الأندلسي .
ـ العمدة في محاسن الشعر وآدابه : ابن رشيق الأندلسي .
ـ ديوان المعاني : أبو هلال العسكري .
ـ الموسوعة الشعرية : المجمع الثقافي ـ 2003م .