قال ابراهيم بن محمد المعروف بـ " ابن أبي عون " ـ وقد نسب في شهرته لجده الثاني و المتوفى سنة [ 322هـ = 934م ] ـ في كتابه " التشبيهات " :
" وقيل أغزل بيت قالته العرب قول جرير :
إنّ العيونَ التي في طرفها مرضْ *** قتلننا ثم لم يحيينَ قتلانا
يصرعنَ ذا اللبِ حتى لا حراكَ به *** وهنَّ أضعفُ خلقِ اللهِ أركانا ". أهـ
على أن للبيت الأول رواية ثانية وهي :
إنَّ العيون التي في طرفها حورٌ *** قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
وفي كتاب " الأغاني " ذكر الأصفهاني [ المتوفى سنة 384هـ = 993م ] :
" أن الوليد بن يزيد بن عبد الملك قال لأصحابه ذات ليلة: أي بيتٍ قالته العرب أغزل؟ .
فقال بعضهم: قول جميل:
يموت الهوى مني إذا ما لقيتها *** ويحيا إذا فارقتها فيعود
وقال آخر: قول عمر بن أبي ربيعة:
كأنني حين أمسي لا تكلمني *** ذو بغيةٍ يبتغي ما ليس موجودا
فقال الوليد: حسبك والله بهذا! ". أهـ
وفي موضع ثاني من الكتاب ذكر أن عبد الملك بن مروان سأل أعرابيا فقال :
" فأي بيتٍ أغزل؟ .
قال: قول جرير:
إن العيون التي في طرفها مرضٌ *** قتلننا ثم لم يحيين قتلانا ". أهـ
وفي كتاب " العمدة في محاسن الشعر و آدابه " لابن رشيق القيرواني [ المتوفى سنة 463هـ = 1071م ] ذكر أنه :
" روى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال: أغزل بيت قالته العرب قول عمر بن أبي ربيعة:
فتضاحكن وقد قلن لها *** حسن في كل عين من تود
وكان الأصمعي يقول: أغزل بيت قالته العرب قول امرئ القيس:
وما ذرفت عيناك إلا لتضْربي *** بسهميك في أعشار قلب مقتل
وحكى عن الوليد بن يزيد بن عبد الملك أنه قال: لم تقل العرب بيتاً أغزل من قول جميل بن معمر:
لكل حديث بينهن بشاشة *** وكل قتيل عندهن شهيد
وفضلته بهذا البيت سكينة بنت الحسين بن علي رضوان الله عليهم ، وأثابته به دون جماعة من حضر من الشعراء.
وقال بعضهم: الأحوص من أغزل الناس بقوله:
إذا قلت أني مشتف بلقائها *** وحم التلاقي بيننا زادني سقما
وقال غيره: بل جميل بقوله:
يموت الهوى مني إذا ما لقيتها *** ويحيا إذا فارقتها فيعود
وقال آخر: بل جرير بقوله:
فلما التقى الحيان ألقيت العصي *** ومات الهوى لما أصيبت مقاتله
والأحوص عندهم أغزلهم في هذه الأبيات الثلاثة ؛ لزيادته سقماً إذا التقى المحبوب .
وقال الحاتمي: أغزل ما قالته العرب قول أبي صخر:
فيا حبذا زدني جوى كل ليلةٍ *** ويا سلوة الأيام موعدك الحشر
وقال أبو عبيدة: ما حفظت شعراً لمحدث، إلا قول أبي نواس:
كأن ثيابه أطلعـ *** ن من أزراره قمرا
يزيدك وجهه حسناً *** إذا ما زدته نظرا
بعين خالط التفت *** ير من أجفانها الحورا
وخد سابري لو *** تصوب ماؤه قطرا ". أهـ
وقال أحمد بن يحي التلمساني المعروف بـ " ابن أبي حجلة " ـ و [ المتوفى سنة 776هـ = 1375م ] ـ في كتابه " ديوان الصبابة " , وبعد أن ذكر عن باب الغزل أنه :
" نعم هذا الباب من أوسع هذه الأبواب مجالاً , وأجرأها جرياً لا وأحسنها خطاباً , وأعذبها نصاباً , فيه يتميز سمين الشعر من غثه , وجديده من رثه , ولا يكاد يجود فيه إلا ذاك , ولا يدركه إلا كثير الدراية وما أدراك , وقد تقدم أن أغزل بيت قالته العرب قول بشار :
أنا والله أشتهي سحر عينيك *** وأخشى مصارع العشاق ". أهـ
هكذا ذكر البيت في النسخة التي عندي , أما هو فمدور :
أنا والله أشتهي سحر عينيـ *** ـك وأخشى مسارع العشاق .
ـ المراجع :
ـ الأغاني : الأصفهاني .
ـ التشبيهات : ابن أبي عون .
ـ العمدة في محاسن الشعر وآدابه : ابن أبي رشيق .
ـ الموسوعة الشعرية الإليكترونية : المجمع الثقافي 2003م .
ـ ديوان الصبابة : ابن أبي حجلة .