يُحكى أن محتالاً و زوجته قررا الدخول إلى مدينة قد أعجبتهم ليمارسا أعمال النصب و الإحتيال
على أهل المدينة، ففي اليوم الأول، اشترى المحتال حمـــاراً، و ملأ فمه بليرات من الذهب رُغماً عنه،
و أخذه إلى حيث تزدحم الأقدام في السوق.
و بعد فترة بدأ الحمـــار بالنهيق، فتساقطت النقود من فمه، فتجمع الناس حول المحتال الذي أخبرهم
أن الحمــار كلما نهق تتساقط النقود من فمه!
بدون تفكير بدأت المفاوضات حول بيع الحمــار، و في النهاية إستطاع مجموعة من كبار التجار
إقناع المحتال ليبيعهم الحمار مقابل مبلغ كبير من المال، و بعد أن تمت عملية البيع بقليل اكتشف
التجار بأنهم وقعوا ضحية عملية نصب غبية، فانطلقوا فوراً إلى بيت المحتال، و طرقوا الباب،
فأجابت زوجة المحتال بأنه غير موجود، لكنها سترســـل الكلب و سوف يحضره فــــــوراً.
بالفعل قامت بإطلاق كلبٍ كان محبوساً عندهم، فهـــرب لا يلوي على شيء،
لكن زوجها عاد بعد قليل و برفقته كلب يشبه تماما الكلب الذ ي هرب.
طبعاً نسوا لماذا جاؤوا، و بدأوا يفاوضونه على شراء الكلب العجيب، و اشتراه أحدهم
بمبلغٍ كبير، ثم ذهب به إلى البيت، و أوصى زوجته أن تطلقه ليحضره بعد ذلك،
فأطلقت الزوجة الكلب لكنهم لم يعد أبداً.
عرف التجار أنهم تعرضوا للنصب مرةً أخرى، فانطلقوا إلى بيت المحتال، و دخلوه عنوة،
فلــم يجــدوا سوى زوجته، فجلسوا ينتظرونه، و لما جاء نظر إليهم ثم إلى زوجته،
و قــــال لها: "لمـــاذا لم تقو مي بواجبـــات الضيافة لهـــؤلاء الأكـــارم؟"
فأجابته الزوجة بغلاظة: " إنهم ضيوفك، فقم بواجبهم أنت. "
فتظاهر الرجل بالغضب الشديد، و أخــرج من جيبه سكيناً مزيفاً من ذلك النوع الذي يدخل فيه النصل بالمقبض،
و طعنها في الصدر حيث كان هناك بالوناً مليئاً بالصبغة الحمراء، فتظاهرت بالموت.
صار الرجال يلومونه على هذا التهور، فقال لهم:
" لا تقلقوا... فقدقتلتها أكثر من مرة و أستطيع إعادتها للحياة."
و على الفور، أخرج مزماراً من جيبه، و بدأ يعزف، فقامت الزوجة على الفور أكثر حيويةً و نشاطاً،
و انطلقت لتعد القهوة للرجال المدهوشين.
نسى الرجال سبب قدومهم، و أخذوا يفاوضونه على المزمار حتى اشتروه بمبلغٍ كبير،
و اقترعوا بينهم أيهم يأخذه أولاً، ثم ذهب الذي الذي فاز به إلى بيته، و وجد أن زوجته لم تقوم
بعملها في البيت كما كان يجب أن يكون، فأحب أن يؤدبها، فأحضر سكيناً و طعنها في صدرها،
ثم صار يعزف فوقها بالمزمار لساعاتٍ فلم تصحو، فأيقن أنهم قد تعرضوا لعملية نصب أُخرى.
و في الصباح سأله التجار عما حصل معه فخاف أن يقول لهم أنه قد قتل زوجته، فادعى أن المزمار يعمل،
و أنه تمكن من قتل زوجته ثم إعادة إحيائها باستخدام المزمار، فاستعاره بقية التجار،
و قتل كلٌ منهم زوجته بنفس الطريقة، و عندما أمنوا لبعضهم بعد أن أصبح كل منهم قاتلاً،
أجمع التجار على التخلص من المحتال و إلى الأبد، فذهبوا إلى بيته، و قيدوه ثم وضعوه في كيسٍ،
و أخذوه ليرموه في البحر البعيد.
ساروا به ساعات حتى تعبوا، فجلسوا لأخذ قسط من الراحة، فنــاموا.
صار المحتال يصرخ من داخل الكيس، فجاءه راعي غنم، و سأله عن سبب وجوده داخل كيس و هؤلاء نيام،
فأخبره بأنهم يريدون تزويجه من بنت كبير التجار في الإمارة و لكنه يعشق ابنة عمه،
و لا يريد بنت الرجل الثري.
طبعاً، استطاع المحتال إقناع الراعي بالحلول مكانه في الكيس طمعاً بالزواج من ابنة كبير التجار،
فدخل مكانه، بينما أخذ المحتال أغنامه و عاد بها إلى المدينة.
ثم استيقظ التجار و حملوا الكيس، و ذهبوا به إلى البحر، و استأجروا قاربا ليلقوه في عرض
البحر ليتأكدوا من هلاكه، ثم عادوا إلى المدينة مرتاحين.
لكنهم وجدوا المحتال أمامهم في المدينة و معه ثلاث مئة رأس من الغنم، فسألوه عن كيفية نجاته
من البحر و عن قصة ذلك القطيع، فأخبرهم بأنهم لما ألقوه بالبحر، خرجت حورية البحر
و أعطته ذهباً و غنماً و أوصلته إلى الشاطيء، و قالت له بأنه لو تم رميه في مكان أبعد عن الشاطيء،
لأنقذته أختها الأكثر ثراءً و لكانت ستعطيه آلاف رؤوس الغنم، و هي تفعل ذلك مع كل من يَرمي نفسه
في ذلك البحر.
كان المحتال يحدثهم، و أهل المدينة كلهم يستمعون، فانطلق الجميع إلى البحر، و ألقوا بأنفسهم فيه....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العبرة:
أولاً: لا يُلدغ المؤمن من جُحر مرتين.
ثانياً: لا تسمح لبريق الدنيا أن يصرفك عن استخدام عقلك، فأي عرض تظن أن من ورائه مكسب عظيم،
قد يكون سرابا ففكر به جيداً.
.