التمريض
مهنة مكرسة للعناية بالمرضى وكذلك للوقاية من المرض. ويعمل أغلب
الممرضين والممرضات في المستشفيات، إلا أن بعضهم يرعون المرضى في منازلهم، كما
يساعد بعضهم الأطباء في عياداتهم وفي المدارس والحضانات والمتاجر والمصانع والقوات
المسلحة والسفن والقطارات والطائرات. والممرضون والممرضات الذين حصلوا على تدريب
خاص يعملون في مدارس التمريض على تدريب الرجال والنساء ليصبحوا ممرضين.
والتمريض اليوم مهنة مسجلة في أغلب الدول، وعلى الطلاب المتخرجين في مدارس
التمريض اجتياز امتحانات المهنة وتسجيل أنفسهم، قبل أن يمارسوا العمل ممرِّضين
مؤهلين. وكقاعدة، يستغرق تدريس الممرضين ثلاث سنوات، وقد يدرسون مواد دراسية أولية
قبل أن ينتظموا في دراسة عامة واسعة للموضوعات. ويلتحق بعضهم بدراسات متقدمة في
مواد متخصصة. وأغلب وظائف التمريض من النساء، إلا أن أعداد الممرضين من الرجال
تتزايد في كثير من مجالات التمريض.
التمريض مهنة
التــمريض مهنة مُرضـــية لمن لديهم الرغبة في خدمة الآخرين. ولهذه المهنة
العديد من فرص العمل، بحيث يمكن لأي ممرض أو ممرضة أن يجد عملاً.
والتمريض مهنة شاقة ومجزية في الوقت ذاته. فالشخص الذي يعاني من جرح خطير، قد
يحتاج إلى رعاية عاجلة من شخص خبير. فيجب على الممرضة توفير الأدوية والمعدات بسرعة
للمريض، كما يجب عليها إعطاء الطبيب تقريرًا مفصلاً عن حالة المريض وطمأنة أسرته
على حالته. وأكثر ما تجده الممرضة من جزاء وتقدير معرفتها بأن مهاراتها، قد ساعدت
في تخفيف آلام أو إنقاذ حياة أحد المرضى.
تدريب الممرضة
يجب على الشخص الذي يود أن يكون ممرضًا، أن يكون محبًا للناس ويرغب في مساعدتهم.
وُيعد الاعتماد على الذات والتقدير السليم من الخصائص المهمة أيضًا في هذا المجال.
والصبر والتسامح والأمانة وتحمل المسؤولية والمقدرة على التعامل مع الآخرين بسهولة
والصحة الجيدة، كلها صفات مهمة بالنـــسبة للممرضة والممرض.
تقبل مدارس التمريض المرشحين لهذه المهنة على أساس مؤهلاتهم العلمية الجامعية أو
الثانوية. ومتطلبات الدخول لمدارس مساعدي التمريض ليست بالهينة، ولكن يفضل الأشخاص
ذوو التعليم العام الجيد. وقد كان تعليم التمريض محصورًا في المستشفيات. وخلال فترة
التدريب يقضي طلاب التمريض أغلب أوقاتهم في الأجنحة، التي يتدربون فيها على طرق
التمريض، تحت إشراف ممرضين أعلى رتبة. وتحافظ حاليًا بعض الأقطار على النظام، بينما
نجد أقطاراً أخرى، كالمملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا تتجه نحو التفرغ
الكــامل لدراسة التمريض في الجامــعات أو كليات التعليم العالي.
يستغرق تدريب الممرضين والممرضات في أغلب مدارس التدريب بالمستشفيات ثلاث سنوات.
ويخضع الطلاب لفترة تدريبية أولية، قبل البدء في تعليم عام يعتمد على المحاضرات
والتدريب العملي. ويدرس الطلاب في قاعات المحاضرات والمعامل ويعملون مع المرضى في
المستشفيات. وتوفر أغلب المستشفيات المسكن والمأكل والملبس الخاص بالممرضات. ومن
تنجح منهن تصبح ممرضة مسجلَّة بعد التخرج.
دروس التــمريض
. يدرس طــلاب التمريض مواد مهمة ؛ كعلم
التشريح والتغذية وعلم العقاقير ووظائف الأعضاء وأساسيات العناية التمريضية.
ويتعلمون رعاية المريض بممارسة التمريض على بعضهم البعض. فمثلاً قد يقيس طالب حرارة
طالب آخر وضغط دمه ونبضات قلبه. وقد يتعلم الطالب في البدء استخدام إبرة الحقن تحت
الجلد على مُجسم خاص.
الخبرة السريرية. يصحب كل درس من دروس التمريض تطبيق
عملي. وكثير من المستشفيات التي توجد بها أقسام للتمريض تخصص يومًا من كل أسبوع،
تسميه، اليوم الدراسي، أو مجموعة فترات دراسية لعدة أسابيع في كل عام. والخبرة
السريرية أو التدريب هي المعرفة التي يكتسبها الطالب خلال رعايته لمختلف المرضى.
وتتعلم الممرضة نظام المستشفى ووظائف وحداته المختلفة، وتعتاد حياة المستشفيات كجزء
من الخبرة السريرية.
الترخيص أو التسجيل. يكمل طلاب التمريض في أغلب دول
العالم دروس التدريب على التمريض بالجلوس لامتحانات تعقدها هيئات التمريض في
الدولة. ويمثل هذه الهيئات المسؤولة عن التمريض في بعض الدول مجلس الدولة للصحة،
بينما في أقطار أخرى يكون مجلس التمريض العام هو المسؤول عن التمريض. وعندما يجتاز
الطالب هذا الامتحان يحصل على رخصة أو يسجل ممرِّضًا، ويسمح له بالعمل في هذه
المهنة. وبإمكان الممرضين المسجلين أن يحصلوا على مؤهلات أعلى، بالمزيد من الدراسة
والخبرة. ويمكن أن يتأهلوا لوظائف متخصصة كالتدريس والإدارة بالحصول على دبلوم أو
درجة علمية أعلى.
نبذة تاريخية
كان النــاس يمارسون نوعًا من التمريض منذ آلاف السنين، فمثلاً كان المصريون
يستأجرون النساء اللاتي أطلق عليهن مؤخرًا القابلات، ليساعدن في عمليات الولادة.
ونظمت الممرضات أنفسهن في مجموعات وساعدت النساء النبيلات ـ بما فيــهن زوجات
الأباطرة ـ في رعاية المرضى في روما القديمة.
عرف العرب نوعًا من التمريض بدءًا من العام الخامس الهجري، الحادي عشر الميلادي.
وكانت الصحابية الجليلة رفيدة بنت سعد الأسلمي أول من عمل في هذه المهنة حينما أمر
الرسول ³ بضرب خيمة متنقلة لها لتطبيب الجرحى. ثم لما افتتحت
البيمارستانات (المستشفيات) الثابتة في عهد الوليد بن عبدالملك (88هـ، 706م) عين أشخاصًا إلى جانب
الأطباء للعناية بالمرضى حتى إنه خصص لكل ضرير دليلاً ولكل مقعد خادمًا.
وعندما أغلق العديد من الأديرة خلال حقبة ما يسمى في أوروبا بالإصلاح الديني في
القرن السادس عشر، قلّت الأماكن التي تصدر منها الأوامر الدينية بين عامي 1600 و
1850م وتُعَدُّ تلك الفترات، من الفترات السيئة في تاريخ التمريض في أوروبا عدا
أسبانيا (الأندلس آنذاك). فقد بنيت المستشفيات على أساس الصدقات وكثيرًا ما وظفت
فيها نساء غير مدربات وأحيانــًا سيئات السمعة. ولم يذهب الأثرياء إلى المستــشفيات
أبدًا للعلاج، بل وظفوا أطباء خاصين بهم. ولم يدرك العاملون بالمستـــشفيات في ذلك
الوقت أهمية الصحة العامة وعلم الصحة، كما لم يدرك الأطباء كيف تسبب الأمراض
الأوبئة. وغالبًا ما كانت الممرِّضة تُصاب بالمرض نفسه الذي يصيب المريض الذي تعتني
به.
بدأ التمريض الحديث في الخمسينيات من القرن التاسع عشر نتيجة لجهود الممرضة
البريطانية فلورنس نايتنجيل مؤسسة التمريض المهني التي أنشأت أول مدرسة للتمريض في
مستشفى سانت توماس بلندن عام 1860م. وقد امتهنت التمريض في وقت كان فيه أغلب الناس
يشــعرون بأن التمريض، ليس عملاً ملائمًا لفتاة من عائلة ثرية. إلا أن عــــملها في
أسكـــتاري خلال حرب القرم (1853 - 1856م) منحها اعترافــًا دوليًا، ومكّنها من
إجراء إصلاحات جوهرية في مهنة التمريض على نطاق العالم. فقد جعلت التمريض مهنة
نبيلة.
وهناك أمثلة قليلة للتمريض في ذلك الوقت. ففي ألمانيا أسس نساء متدينات سُمّين
الشمّاسات معهداً للتمريض. وفتحت مُصلحة السجون البريطانية إليزابـيـث فراي معهدًا
للتمريض في بيشوبسجيت في لندن. وأسست كاثرين مكولي جمعية راهبات الإحسان الروم
الكاثوليك في أيرلندا، وكرّست بعض راهبات كنائس إنجلترا حياتهن لتمريض الفقراء.
ومنذ ذلك الوقت أنشأ العديد من الأقطار منظمات تمريض وطنية، وأصبح التمريض مهنة
شريفة، ولها وضع قانوني. وتكوّن مجلس عالمي للممرضات في عام 1901م لرفع مكانة هذه
المهنة في كل أنحاء العالم. وفي عام 1949م أصبح هذا المجلس تابعاً لمنظمة الصحة
العالمية بصفة رسمية.