قال وزير الثقافة السابق، محي الدين عميمور، في الملتقى الوطني ''البطل المجاهد مسعود زفار''يوم 01/03/2012 إن إحالة المجاهد مسعود زفار على المحكمة العسكرية أواخر الثمانينيات، وإيداعه الحبس الاحتياطي في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد، بتهمة التآمر والخيانة الوطنية، تعتبر في حد ذاتها خيانة للوطن، نظرا لما قدمه الرجل من تضحيات في سبيل تحرير البلاد من الاستعمار الفرنسي، فيما كشف الأستاذ أحمد عظيمي أن مجاهدين قدموا له شهادات عن الرجل، لكن طالبوا بعدم نشرها حاليا لخطورتها.
شدّد محي الدين عميمور، خلال مداخلته، في المحاضرة التاريخية المندرجة في إطار الطبعة الثالثة من الملتقى الوطني ''البطل المجاهد مسعود زفار'' بالعلمة في ولاية سطيف، على ضرورة سعي الأمة إلى المحافظة على تاريخ أبنائها، وألا تهينهم كما حدث مع رجل المخابرات أثناء الثورة التحريرية وبعدها مسعود زفار المعروف حركيا باسم ''رشيد كازا''.
وعرّج المتحدث على صفات زفار، من خلال التأكيد على أنه كان صاحب شخصية مرحة، وتتمتع بذكاء خارق، واستطاع خلق كثير من العلاقات الشخصية مع عائلات أمريكية مشهورة، على غرار كينيدي، بوش، فيلر، وبوب أندرسون، ووصفه أيضا بالرجل ''السياسي الحرامي''، مشيرا إلى مساهمته الفعالة في تطوير الاقتصاد الوطني، والرفع من مستوى الدبلوماسية الخارجية.
كما تطرق عميمور إلى إسهامات الرجل في أهم المراحل التاريخية للجزائر بعد الاستقلال، من خلال إنجاحه عقد أكبر تجمع عالمي لدول عدم الانحياز، بعد ضمان عدم تدخل أمريكا، إضافة إلى أهم المشاريع الاقتصادية التي استفادت منها البلاد. وألقى المتحدث الضوء على حادثة إلقاء القبض على رشيد كازا، وإيداعه الحبس الاحتياطي في السجن العسكري بالبليدة، ليؤكد أن القضية تم تدبيرها من جهات أجنبية لم تعجبها تحركات الرجل.
من جانبه، قال الأستاذ الجامعي، أحمد عظيمي، في مداخلته إنه لم يستطع إلى غاية الآن إعداد الكتاب الذي وعد بإنجازه في الطبعة الأولى من الملتقى عن سيرة الرجل مسعود زفار، بسبب غياب المعلومات الكافية والشافية، مردفا ''ولأن كثيرا من المجاهدين طلبوا مني عدم نشر المعلومات والشهادات التي أدلوا بها في الوقت الحالي، نظرا لخطورتها''. وأضاف عظيمي أن كازا يعدّ سياسيا ومخابراتيا من الطراز الرفيع، ورجل أعمال استطاع تكوين ثـروته المالية في الخارج وليس في الجزائر. وذكر المتحدث أن أول جملة قالها الرئيس جورج بوش الأب للشاذلي بن جديد أثناء زيارته للولايات المتحدة الأمريكية: '' كيف حال صديقي زفار؟''، وهي الجملة التي أزعجت الشاذلي، الذي قرّر بعد عودته إطلاق سراح مسعود زفار، بعد أن ثبتت براءته من جميع التهم الموجهة إليه، مضيفا ''اللوبي الصهيوني هو من كان وراء حبسه، بسبب النشاطات القوية التي كان يقوم بها ابن العلمة في تدعيم الثورة التحررية الفلسطينية، من خلال إمدادها، سواء بالسلاح أو الأموال''.
واختتم الملتقى، الذي شهد حضورا غفيرا من قبل الأكاديميين والطلبة، بتكريم السلطات المحلية لعائلة المجاهد وكثير من رفاقه، مع التأكيد على تحويل الملتقى إلى مؤسسة ثقافية، تهتم بجمع كل ما يتعلق بهذا الرجل الذي يعدّ ''مجهولا'' عند كثير من الجزائريين