بعد أكثر من ألف وأربعمائة وثلاثين عاما من إشارة القرآن الكريم إلى توسع الكون، تم تكريم ثلاثة علماء أمريكيين بجائزة نوبل وقيمتها عشرة ملايين دولار.
قال تعالى: " وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ " [الذاريات: 47]،
وليس من الخطأ تصوُّر أن الآية الكريمة تتحدث عن التوسع الكوني الذي نتج عن الانفتاق الكوني الكبير، فكلمة (موسعون) تفيد ذلك، و" الواو والسين والعين: كلمةٌ تدلُّ على خلافِ الضِّيق والعُسْر ". [1]
فاللفظ في حقيقته يدل على خلاف الضيق. وبهذا يكون معنى (مُوْسِعُونَ) عكس " مُضيِّقون ". تقول: وَسَّعْتُ الشيءَ فاتَّسَعَ واسْتَوْسَعَ، أي صار واسِعاً. [2]
والأصل حمل اللفظ على حقيقته، إلا إن وجد مسوغ لحمله على المجاز. فـ " وَسِعَ الشيء: لم يضق عنه.. لا يسعك أن تفعل كذا، أي: لا يجوز لك؛ لأن الجائز موَسَّع غير مضيَّق.. هذا الإناء يسع عشرين لتراً ".[3]
أما عند استعمالها على سبيل المجاز والكناية فمعلوم أن قولك " رجل ذو سعة " مجاز للدلالة على غناه.
جاء في تاج العروس: " ويقال: أوسع الله تعالى عليه، أي: أغناه.. كوسِعَ عليه توسيعاً، وهو مجاز ". [4]
كما يُقال: " فرس واسعة القدمين " مجاز للدلالة على السرعة، وقد تكون كذلك على الحقيقة إن ثبت ذلك بالقياس العلمي، بل هو الأصح؛ لأن حمل اللفظ على الحقيقة مقدم.
وقياساً عليه: فلا مسوغ لحمل لفظ (موسعون) على المجاز، فتبقى على حقيقتها. كقولك: وسعت ثوبي، توسعوا في المجالس.. بل لا مانع من إرادة المعنيين معاً، فذلك من التوسع في المعنى، وهو قمة البلاغة.
وسبحان الله العلي العظيم !
لقد كان للانفتاق الكوني، وما تلاه من توسع للكون، أثر كبير في علماء الملحدين؛ فلو أن معدل التوسُّع بعد ثانية واحدة من الانفتاق الكوني، كان أقل ولو بجزء واحد من مئة ألف مليون مليون جزء، لعاد الكون فتقوَّض قبل أن يصل إلى حجمه الحالي