أمثال النوم والقهوة ومضادات الأكسدة .
لم يجد الباحثون حتى اليوم دليلا واضحا على ضرر الإسراف في تناول الخضار مثلا , ولكن ثمة جانب سلبي للإفراط في العادات الشائعة الأخرى , ولهذا كانت نتائج الدراسات التالية مفاجئة :
ـ الأمر النافع - الضار الأول : النوم
إن كان العجز في قسط النوم الليلي الذي تناله يؤدي بك - كما أظهرت أكثر من دراسة - إلى الإصابة بالبدانة وفقدان حدة التركيز والخمول العقلي , كما يؤدي إلى التعرض لمخاطر الإصابة بالآفات القلبية , فقد تظن أن ما سينصحك به الطبيب هو المزيد من النوم , والنوم قدر ما تشاء .
ولكن حقيقة الوضع ليست كذلك على ما يبدو , ففي دراسة نشرت عام 2010 في مجلة ( النوم ) تبين أن الرجال الذين يحصلون على 9 ساعات من النوم في الليلة الواحدة , أكثر عرضة للإصابة بالآفات القلبية ( بنسبة 43% ) من الرجال الذين يحققون 7 ساعات من النوم فقط , وذلك بغض النظر عن أعمارهم أو أوزانهم أو نشاطهم الجسدي , أو الأمراض التي أصابتهم من قبل .
وقد تكون من الأشخاص الذين يحتاجون لنيل قسط أكبر من المعدل من النوم , وهذا طبيعي طالما أنك تشعر بالانتعاش واليقظة في صباح اليوم التالي .
أما إن كنت تشعر بالخمول والإنهاك معظم وقتك , فلابد من وجود سبب صحّي ما يؤثر على راحة نومك ونوعيته , مثل انقطاع التنفس أثناء النوم ( sleeping apnea ) , أو متلازمة ألم الرجلين ( restless leg syndrome ) , بحسب ما يشير إليه ( Clete kushida ) المدير الطبي لمركز ستانفورد لطب النوم .
فإذا كان هذا النوم المتقطع يؤدي بك إلى النوم فترات أطول , فما عليك إلا اللجوء لاستشارة الطبيب .
ويمكنك التخفيف من هذه الحالة :
إن كنت تسرف في النوم فاضبط منبهك على الراديو ( بدلا من صوت المنبه العادي ) , لأن الضجيج يجعلك أكثر قدرة على الصحو , كما يبين لنا الخبير ( Christopher winter ) , كما أن الأضواء المعتدلة غير المتقطعة تخبر دماغك بالتوقف عن اصطناع هرمون النمو المسمى ميلاتونين ( Melatonin ) , فهي تشكل لذلك وسيلة فعالة أخرى لتحديد ساعات نومك .
- الأمر النافع - الضار الثاني : المضادات الحيوية :
من الأفضل استخدام الدواء المناسب في المكان المناسب , لكن الكثير من الأطباء يلجؤون إلى علاج الالتهابات - سواء كانت جرثومية ( بكتيرية ) أو فيروسية - باستخدام الصادات الحيوية القوية ( antibiotics ) , ويلجأ الطبيب عادة إلى هذه الطريقة للحصول على علاج قطعي للحالة عندما لا يكون متأكد من السبب وراء الالتهاب , حيث أنها تمنح المريض شفاء أكيدا .
إلا أن الدكتورة ( Lauri hicks ) رافعة لواء حملة ( استخدم المضادات الحيوية بذكاء ) , تشير إلى أنه على الطبيب إن يحدد الحالات التي تستدعي استخدام المضادات الحيوية , فقد أظهرت التقارير بأن الأطباء الممارسين يقومون بوصف المضادات الحيوية لـ 75% من التهابات الجهاز التنفسي العلوي مثلا , رغم أن 99% من هذه الحالات تكون ناجمة عن مسبب فيروسي لا يفيد المضاد الحيوي في القضاء عليه , وقد يتبادر إلى الذهن أنه لا ضرر في ذلك , ولكن هذا خطأ .
إذ يمنح الاستخدام المتكرر للمضادات الحيوية مناعة إضافية لبعض الجراثيم , فتنتج سلالات متطورة مقاومة الباكتيريا تشكل خطرا على المصاب فيما بعد , كما أن المضادات الحيوية عادة ما تقضي على الباكتيريا المفيدة التي تتواجد في الجسم .
والطريقة الأفضل لمواجهة الجراثيم هي :
اسأل طبيبك إن كان من الممكن شفاء حالتك دون اللجوء إلى تعاطي العقاقير الطبية القوية , أو باستخدام المضادات الحيوية الخفيفة مثل amoxicillin أو penicillin , فهذا أفضل لك على المدى البعيد من استخدام المضادات الحيوية واسعة الطيف مثل zythromycin .
ولا تنجرف مع الاعتقاد السائد بأن المضادات الحيوية الحديثة أكثر فعالية من القديمة , فهذا غير صحيح على الدوام , ويقول الخبير الدكتور هيغر :" لا زال صديقنا القديم البنسلين من أفضل طرق العلاج الأولية ضد الجراثيم التي تترك مجالا للجوء إلى علاجات إضافية فيما بعد ".
ـ الأمر النافع ـ الضار الثالث : القهوة :
يزودك فنجان القهوة الذي تتناوله بصورة يومية بالكثير من الفوائد الصحية طويلة الأمد , فقد أكدت بعض الدراسات الحديثة على وجود رابط بين استهلاك اليومي للقهوة وخفض مخاطر الإصابة بداء الزهايمر وسرطان الكبد والبروستات .
ولكن حذار من الإدمان على الكافئين , الذي يؤذيك إن زاد استهلاكك عن 300ملغ من هذه المادة يوميا , ( اعلم أن تخمير ما مقداره 390غ من القهوة يزودك بـ 260ملغ كافئين ) , فعندما يعتاد جسمك على جرعة الكافئين المنتظمة التي تتناولها تزداد حساسية منظومة الأدينوزين ( adenosine system ) التي تنظم حالة الإعياء , مما يؤدي إلى شعورك بالكسل عند انخفاض نسبة الكافئين في جسمك , وذلك وفقا لما جاء في دراسة بريطانية أجريت عام 2010 .
أما النشاط الذي يشعر به مدمنو الكافئين فهو مجرد صحو ( emergence ) لا غير ناجم عن أعراض الانحسار الناتج عن الإدمان , لذلك وزع جرعات القهوة على فترات طويلة .
يشير الدكتور ( جيمس د . لين ) مدير مختبرات الفيزيولوجيا النفسية في جامعة ديوك ( Duke ) , إلى أنه من الأفضل توزيع ما تتناوله من الكافئين على طول اليوم كي تتجنب تناول جرعة جرعة مفرطة منه , لأن الارتفاع المفرط للكافئين في الدم هو ما يسبب بعض المشكلات عادة , فإذا كنت تتناول ما مقداره 390غ في الصباح مثلا , فمن الأفضل أن تتناول نصف هذه الكمية في الصباح وتترك النصف الآخر لفترة بعد الظهيرة .
- الأمر النافع - الضار الرابع : مثبطات الألم :
عندما نشعر بألم في الركبتين أو العضلات فإن الكثيرين منا يهبّون لتناول المسكنات القوية مثل إيبوبروفين ( Ibuprofen ) , وإذا لم يستفد واحدنا من الجرعة السحرية الموصى بها ( 400ملغ ) , فإنه لا يجد حرجا من تناول حبتين إضافيتين .
وما الضرر في أن يتناول المرء حبتين قبل مباشرة العمل , أو قبل ممارسة التمارين الرياضية كإجراء احترازي ؟.
هذا هو المبدأ الذي يدفع الكثيرين إلى تناول الإيبوبروفين , كتناولهم حبات السكر .
يترأس الإيبوبروفين قائمة طويلة من مسكنات ألم تنتمي إلى عائلة مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية , وتؤدي هذه العقاقير إلى خفض إنتاج البروستاغلاندين ( prostraglindins ) , الذي يعمل كناقل للألم والالتهاب .
ولكن الاستخدام المتواصل أو الوقائي لهذه العقاقير يؤدي إلى تثبيط هذه الهرمونات , وتعطيل قيامها بوظيفتها الحيوية الأخرى , المتمثلة في توليد الأنسجة التي تبني الكولاجين , ويشير الخبير ( ستيوارت واردين ) الأستاذ المساعد في جامعة إنديانا , قسم العلاج الفيزيائي , إلى أن تناول الإيبوبروفين قبل البدء في أداء التمارين الرياضية لا يفيد في التقليل من آلام التعضيل , وإنما يقلل من فعالية التمارين الرياضية .
كما يكبح هذا العقار عمل الخميرة الطبيعية ( cyclooxygenase ) ذات التأثير الوقائي لعضلة القلب وبطانة المعدة , وهذا يؤدي بدوره إلى زيادة مخاطر الإصابة بالنوبة القلبية عند الأشخاص المعرضين لها , أو الإصابة بالإسهال أو الغثيان أو النزيف المعوي .
ويمكنك تخفيف الألم بأن :
تستبدل حبة المسكن التي تتناولها بعد التمرين ( للتخفيف من آلام التعضيل ) , بغطسة في حمام السباحة .
ويضيف الخبير ( واردين ) إلى أن أفضل علاج لآلآم العضلات ( التعضيل ) هو أداء تمارين لطيفة ( مثل المعالجة المائية hydrotherapy ) لحوالي 20 دقيقة , حيث أن الحركة تساعد على تخفيف السوائل المتجمعة داخل العضلة والتي تسبب الألم .
- الأمر النافع - الضار الخامس : مضادات الأكسدة :
لابد أنك سمعت تحذيرات عن الشوارد الحرة , وهي جزيئات مخربة للخلايا يعتقد بوجود علاقة وثيقة بينها وبين أمراض مزمنة , مثل آلام المفاصل وداء السكري والسكتة الدماغية والآفات القلبية والسرطان , وتعتبر مضادات الأكسدة وسيلة الدفاع القادرة على حماية حياتك .
حيث أن مضادات الأكسدة ( كتلك الموجودة في البيتاكاروتين وفي فيتاميني C و E ) تهاجم هذه الشوارد الحرة الضارة وتقوم بتحييدها .
ولكن القصة مختلفة مع مضادات الأكسدة التي نحصل عليها من الصيدلية - أي من حبوب المتممات الغذائية - , لنها قد تحيّد الخط الدفاعي لمضادات الأكسدة الطبيعية الموجودة في جسمك .
إذ بيّنت دراسة ألمانية أجريت على مجموعتين من الشبان , بأن الشبان الذين أدوا التمارين الرياضية على مدى 4 أسابيع ظهر لديهم تحسّن ملحوظ في سويات الأنسولين في أجسامهم , ( وهذا يبين الدور الهام لممارسة التمارين الرياضية في الوقاية من النوع الثاني من داء السكر ) , أما الشبان الذين أدوا التمارين لنفس المدة مع تناولهم لحبوب فيتامينيC و Eفلم يلحظ لديهم أي تحسن يذكر .
الجأ إلى المصادر الطبيعية لتحقق الفائدة المرجوة :
احصل على الكمية التي تحتاجها من مضادات الأكسدة من خلال اتباع نظام غذائي متوازن , فهذا يمنحك فوائد تفوق الفائدة التي تجنيها من الحبوب الصنعية , كما أن هذا يجنبك التعرض لجرعة مفرطة منها .
وتشير خبيرة التغذية ( كاثرين زيراتسكي ) إلى أنه قد يكمن سرّ الفائدة في احتواء الغذاء الكامل على مواد تساعد على امتصاص الجسم لمضادات الأكسدة بصورة أسهل وأفضل , مما لو حصلنا عليه من حبوب المتممات الغذائية .
ـ المرجع :
ـ مجلة طبيبك : العدد 639- جويلية 2011.
ـ ألحوظة : البحث نقل بلفظه ( حرف بحرف ) , بتصرف قليل .