اخي فوضيل قيل للحسن البصري: إن فلاناً لا يعظ , ويقول: أخاف أن أقول ما لا أفعل.
فقال الحسن: وأينا يفعل ما يقول؟ ودّ الشيطان لو ظفر بهذا, فلم يُؤمر بمعروف ولم يُنه عن منكر
ولان يا اخ فوضيل هذا الدين هو دين البشرية جمعاء الذي بشر به جميع الأنبياء، و لكن جوهره و حقيقة مبادئه و تعاليمه تخفى عن الكثير من الناس ، لذلك كان التبليغ واجب علينا، و بعدها كل امرئ بما كسب رهين. و أن هذا الدين سر سعادتنا في الدنيا، لذلك نود مشاركته مع عشيرتنا الأقربين أولا، بدافع الحب قبل الواجب ، و أننا أمرنا بالتناصحو التوجيه حتى بين بعضنا البعض
و لكن ما يلتبس على الكثيرين،يا اخي فوضيل و يمنعهم من القيام بواجبهم الدعوي هو تفسير قوله تعالى :
أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ. البقرة 44
كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ .
الصف3
أَتَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَاب أَفَلَا تَعْقِلُونَ
الغرض من الآية الكريمة ، كما جاء في تفسير ابن كثير، هو ذمهم على خطئهم بحق أنفسهم بعدم فعلهم للخير الذي يأمرون به. أي ليس المراد ذمهم على أَمرهم بالبر مع تركهم له، بل على تركهم له. فإن الأمر بالمعروف معروف وهو واجب على العالم.. ولكن الواجب والأولى بالعالِم أن يفعله مع من أمرهم به ولا يتخلف عنهملكنه والحالة هذه مذموم على ترك الطاعة و فعله المعصِية لعلمه بها ومخالفته على بصِيرة، فإِنه ليس من يعلم كمن لا يعلم.
والفرد الفاني ما لم يتصل بالقوة الخالدة ضعيف مهما كانت قوته , لأن قوى الشر والطغيان والإغواء أكبر منا ; وقدنغالبها مرة ومرة .. ولكن لحظة ضعف تنتابنا فنتخاذل ونتهاوى ,
واخيرا...اللهُمَّ لا تجعلنا ممن يدل عليك ثُمَّ يعرض عنك ، ويدعو إليك ثمَّ يفر منك ...
وكماو روى ابن عساكر عن النبي صلى الله عليه وسلَم إِنَّ أُنَاسًا مِنْ أَهْل الْجَنَّة يَطَّلِعُونَ عَلَى أُنَاس مِنْ أَهْل النَّار فَيَقُولُونَ بِمَ دَخَلْتُمْ النَّار ؟ فُو اللَّه مَا دَخَلْنَا الْجَنَّة إِلَّا بِمَا تَعَلَّمْنَا مِنْكُمْ فَيَقُولُونَ إِنَّا كُنَّا نَقُول وَلَا نَفْعَل.