المصدر : كتاب خلق الكون تأليف الكاتب التركي هارون يحيى
الجزيء المعجزة الدنا (DNA)تتكون جزيئة الـDNA بشكل أساسي من 3 مركبات: سكر خماسي pentose وهو سكر الريبوز المَنْزُوع الأوكسِجين، ومجموعة الفسفات، وأربعة أنواع مختلفة من الأسس الآزوتية -والتي تدعى أسساً لأنها تستطيع الارتباط بأيون الهيدروجين في المحاليل الحمضية-. يتألف إثنان من هذه الأسس من حلقة مفردة من الكربون والآزوت وهما السِيتُوزين cytosine والثيمين thymine تدعى البيريميدينات pyrimidines . فيما يتكون الأساسان الآخران الأَدِينين adenine والغوانين guanine من حلقات مزدوجة من الكربون والنتروجين تدعى البورينات purines . إن الأسس الآزوتية الأربعة يشار إليها عادة بالحرف الأول من اسمها (C ، T ،A ، G ). بعض المشاركات التي قدمها Watson وCrick في منتصف القرن العشرين كان إظهار كيف ترتبط هذه البنى الثلاثية فيزيائياً وتشكل الدنا. فقد اقترحا نموذج الحلزون المضاعف المشهور حالياً والذي يمكن تصوره كسلم ملوي تشكل الروابط الكيميائية درجاته. يتكون طرفي السلم من السكر والفسفات المرتبطة مع بعضها بروابط فسفو ثنائية الإستر. تنتأُ مجموعات الأسس الآزوتية من كل طرف من السلم بمسافات متساوية. إن الأسس الخارجة عن أحد أطراف السلم ترتبط بالأسس من الطرف الآخر بروابط هيدروجينية ضعيفة نسبياً. وتشكل الأسس الآزوتية المزدوجة درجات السلم. يبدو في العلاقة الكيميائية بين الأسس ويظهر كيف أن نهاية السلسلة تكون إما 3' أو 5' . حيث تم اشتقاق هذه التسمية من ترتيب الارتباط مع ذرة الكربون الموجودة في السكر. تتكون الوحيدةsubunit الأساسية في الـDNA من سكر ريبوز منزوع الأكسجين واحد ومجموعة فسفات واحدة وأساس آزوتي واحد. وتدعى هذه الوحيدة بالنُوكْلِيُوتيد nucleotide . يوجد هناك متواليات مختلفة للسلسلة المكونة من عدة نُوكْلِيُوتيدات وتسمى حسب مُتَوالِيَة الأسس الآزوتية فيها (مثلاً TAACGT ). تشفر مُتَوالِيَات الـDNA هذه كل بروتينات الجسم، ونتيجة لهذا فإن الـDNA يمثل كمية كبيرة جداً من المعلومات. وتحوي الخلية البشرية ما يقارب 3 مليار زوج نُوكْلِيُوتيدي وهو أكثر بكثير من الحاجة لتشفير كل البروتينات الخلوية.
مكونات الـDNA : زمرة الفسفات، سكر الريبوز منزوع الأكسجين، الأسس الآزوتية الأربعة. ارتباط الأسس الآزوتية: ارتباط السيتوزين مع الغوانين، والثيمين مع الأدنين حلزون الـDNA : التفاف سلسلتي الـDNA كحلزون التفاف الـDNA حول الهيستونات وتكوينه الجسيمات النووية، ثم التفافها لتكوين العرى وفوق العرىi وDNA الدنا
قال الله تعالى في كتابه الكريم إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (البقرة:164) .
كانت نظرية التطور عاجزة عن تقديم تفسير مترابط لوجود جزيئات هي الأساس في الخلية، والأكثر من ذلك فقد أنتجت التطورات في علم المورثات (الجينات) واكتشاف الحموض النووية (الدنا والرنا) مسائل جديدة لنظرية التطور .
في عام 1955 عمل عالمان على الدنا (DNA)وهما (جيمس واطسن ) و( فرانسيس كريك ) حيث أطلقا عهداً جديداً في علم الأحياء ومنذ تلك الفترة صار العلماء يوجهون انتباههم لعلم المورثات (الجينات)، واليوم وبعد سنوات من البحث صار للعلماء طريقة تخطيطية واسعة ضخمة لتركيب الدنا، وهنا نحن نحتاج أن نعطي بعض المعلومات الأساسية جداً عن بنية ووظيفة الدنا .
جزيء الدنا هو جزيء موجود في نواة كل خلية من خلايا جسمنا والبالغ عددها مئة تريليون خلية، ويحتوي جزيء الدنا خطة كاملة لتركيب جسم الإنسان وكذلك التعليمات المتعلقة بكل صفات الإنسان من مظهره الفيزيائي إلى تركيب أعضائه الداخلية وهي مسجلة في جزيء الدنا بما يدعى بنظام تشفير خاص، فالمعلومات في شريط الدنا مشفرة بتتابع أربعة قواعد خاصة هي التي يتركب منها الجزيء .
وسميت تلك القواعد بـ (A.T.G.C)نسبة للأحرف الأولى لأسمائها، وأن كل الفروق التركيبية بين جميع الناس تعتمد على التغيرات
في تتابع هذه القواعد، يوجد حوالي (3.5)بليون نيوكليوئيد أي : (3.5) بليون حرف في جزيء الدنا .
تدعى المعلومات في جزيء الدنا والتي تخص عضية ما أو بروتيناً ما بالجينات، فمثلاً المعلومات المتعلقة بالعين موجودة في سلسلة أخرى تماماً من الجينات، والخلية تنتج بروتينات باستخدام المعلومات في كل من هذه الجينات، أما الحموض الأمينية التي يتركب منها البروتين فكل منها يترتب من ترتيب متتابع لثلاثة من النيوكليوئيدات في الدنا .
عند هذه النقطة يوجد تفصيل هام يستحق الانتباه، وهو خطأ يقع في تتابع النيوكليوئيدات يجعل الجين هزيلاً ولا يعد صالحاً، وعندما نتذكر أنه يوجد حوالي (200)ألف مورثة في جسم الإنسان يصبح أكثر وضوحاً سبب استحالة ترتيب هذه الملايين من النيوكليوئيدات المشكلة للمورثات بتتابع صحيح وبالمصادفة، وعلق عالم الأحياء التطوري (فرانك سايلسبوري) على هذه اللاحتمالات بمقولة:
"قد يحتوي البروتين الوسط على حوالي (300) حمض أميني، وتحتوي مورثة الدنا التي تتحكم بذلك ألف نيوكليوئيد في سلسلتها، وطالما أنه يوجد أربعة أنواع من النيوكليوئيدات في سلسلة الدنا، فالواحدة تحتوي ألف وصلة بحيث يمكنها أن تتواجد في (10004) شكل، وباستخدام علم الجبر البسيط (اللوغاريتم ) نرى أن :
10004=60010 أي عشرة مضروبة بنفسها (600)مرة وهذا الرقم بالضبط هو خلف مداركنا تماماً " 122
إذن الرقم (10004=60010) أي يعني أن نكتب (1) بجواره (600) صفر، وهنا نتذكر أن الرقم (10) متبوعاً بـ(11) صفراً يدعى تريليون، لذا الرقم ذي (600) صفر هو في الحقيقة عدد من الصعب علينا أن ندركه .
هذه الحقيقة أن الاحتمال في التشكل العشوائي للبروتين والحمض النووي (الدنا ـ الرنا) لا يمكن تصوره لصغره، والفرص التي هي ضد انبثاق حتى سلسلة بروتين خاص واحد هي ذات أرقام فلكية [1]
بالإضافة لتلك المستحيلات فإن الشكل الحلزوني لسلسلة الدنا المضاعفة تجعله بالكاد ( وبجهد عظيم ) يتمكن من الدخول ف تفاعل، مما يؤدي لاستحالة التفكير به كأساس للحياة .
لشريط الدنا القدرة على أن يكرر نفسه ويتضاعف (ينسخ نفسه ) ومن ثم يلتوي بمساعدة بعض الأنزيمات، وتلك الأنزيمات هي في الواقع بروتينات يمكن معرفة تركيبها فقط من المعلومات المشفرة في الدنا، وبما أن كليهما يعتمد على الآخر فعلمية التضاعف ستحدث إذا تواجد معاً في اللحظة نفسها أو إذا كان أحدهما قد خلق قبل الآخر، ولقد علق عالم الأحياء المجهرية (جاكسون ) على ذلك الموضوع فقال :
" في اللحظة التي تبدأ فيها الحياة يجب أن يكون حاضراً كل من التوجيهات الكاملة لمخططات النسخ والطاقة اللازمة، واستخلاص الأجزاء اللازمة من البيئة المحيطة، لأن نمو التتابع والآلية التي تلعب دور ترجمة التعليمات إلى نمو يجب أن تكون جميعها حاضرة، وأن اتحاد الحوادث يبدو أنه بعيد عن الإحتمال كلياً لكنه يتحقق بطريقة لا تصدق وغالباً ما تنسب لتدخل إلهي " [2]
كتب هذا الاقتباس بعد سنتين فقط من اكتشاف تركيب الدنا من قبل (جيمس واتسون ) (وفرانسيس كريك ) وعلى الرغم من تطورات العلم وتقدمه إلا أن هذه المسألة بقيت غير محلولة بالنسبة للتطوريين .
لنلخص الموضوع ونقول :
" إن الحاجة للدنا في التضاعف وضرورة وجود بعض البروتينات لذلك التضاعف (تكرار الذات ) وكذلك وجوب تأمين مستلزمات لإنتاج تلك البروتينات طبقاً لمعلومات الدنا، كل ذلك يدمر ادعاءات التطوريين ومزاعمهم " .
أثنان من العلماء الألمان وهما (جونكر ـ شيرار ) فسرا أن التركيب لكل من الجزيئات اللازمة للتطور الكيميائي قد شجع شروطاً محددة وضمن احتمال هو الصفر إذا ما حُسب بطرق الرياضيات النظرية البارعة والمختلفة جداً في تركيب تلك المواد .
" حتى الآن لم تعرف تجربة نستطيع بها أن نحصل على كل الجزئيات اللازمة للتطور الكيميائي، لذلك من الهام والضروري هو إنتاج جزئيات متنوعة في أماكن مختلفة تحت شروط مناسبة جداً، وبعدها حملهم لمكان آخر للتفاعل مع حمايتهم من العناصر المؤذية مثل التحلل بالماء (الحلمهة ) والتحلل الضوئي.[3]
باختصار إن نظرية التطور غير قادرة على أن تبرهن صحتها في أية مرحلة من المراحل التطورية التي زعموا أنها تحدث على المستوى الجزيئي .
لنلخص ما كنا تحدثنا عنه فيما سلف : لا الحموض الأمينية ولا نواتجها وكذلك البروتينات التي تصنع خلايا الكائنات الحية قد أنتجت إطلاقاً بما سمي بالجو البدائي للبيئة ،والأكثر من ذلك هو أن عوامل التركيب المعقدة الذي لا يصدق للبروتينات وبالتمايزات اليمينية واليسارية لها والصعوبات في تشكيل الروابط الببتيدية في بالضبط المسؤولة عن عدم إمكانية إنتاجهم مخبرياً في المستقبل .
حتى لوفرضنا للحظة أن البروتينات تشكلت بطريقة ما بالمصادفة (وهذا سيبقى دون برهان ) فالبروتينات لا تملك شيئاً لنفسها على الإطلاق، وبالتالي لا تستطيع تلك الجزيئات أن تكرر ذاتها، وتركيب البروتينات ممكن فقط مع معلومات مشفرة في جزيئات الدنا والرنا، فبدونهما يستحيل على البروتين أن يتكرر ويتضاعف والتتابع البروتين في الجسم، وعلى كل حال وكما تم توضيحه من قبل عديد ممن درسوا تلك الجزيئات فإن الدنا والرنا يستحيل أن يتشلا بالمصادفة .
حقيقة الحياة :
بانهيار نظرية التطور في كل مجال، اعترفت أسماء بارزة في فروع علوم الأحياء الدقيقة اليوم بحقيقة الخلق، وبدأت في الدفاع وحماية تلك النظرية في أن كل شيء خلق من قبل مدرك كجزء من الخلق الأرفع .
حالياً هذه هي الحقيقة التي لا يستطيع أحد من الناس تجاهلها، والعلماء الذين اتسمت أعمالهم بعقل مفتوح طوروا رؤى جديدة سموها " التصميم الذكي " . ويعتبر (ميشيل ج . بيهي ) واحداً من أعظم هؤلاء العلماء إذ صرح بأنه قَبِلَ بوجود كائن مطلق خالق لكل شيء، ووصف المأزق الذي يقع فيه هؤلاء الذين ينكرون تلك الحقيقة فقال :
النتيجة لتلك الجهود المتراكمة لفحص الخلية . أي : لفحص الحياة على المستوى الجزيئي هي صرخة عالية واضحة حادة (للتصميم )، والنتيجة هي واضحة جداً وليست غامضة وذات مغزى ومعنى بحيث يمكن أن تصنف تلك النتيجة على أنها أعظم المنجزات في التاريخ العلمي، وهذا النصر العلمي يستدعي أن نصرخ مع عشرات الآلآف من الحناجر ... "
" لكن لا زجاجات فتحت ولا أيدي صفقت، وبدلاً من ذلك فهنالك صمت مطبق يحاصر التعقيد الصارم للخلية، وعندما أتى الموضوع للناس بدأت الأقدام تتثاقل وبدا التنفس مجهداً، وفي بعض المجتمعات الخاصة شعر الأكثر منهم بالراحة والاسترخاء وكثير من هؤلاء قبل النتيجة الواضحة ثم حدقوا بالأرض وهزوا رؤوسهم وتركوها تذهب هكذا .
لماذا لا تكون الجماعات العلمية تواقة لما أنجزت ولم تحتضن اكتشافها المذهل .؟ لماذا تكون مشاهدة التصميم والتكامل معه بعقلانية مقنعة بقفازات ؟
وهذا مصداق لقوله تعالى : (وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) (الزمر:45).
حتى اليوم فإن كثيراً من الناس لم يدركوا أنهم في حالة يقبلون بها الخدعة كأنها حقيقة باسم العلم من الاعتقاد بالله، أولئك الذين لم يجدوا عبارة :" الله خلقنا من لا شيء " هي علمية كافية لكنهم استطاعوا الاعتقاد بأن الكائنات الحية أتت للوجود من الصواعق عندما ضربت حساءً بدائياً قبل بلايين من السنين مضت .