أثبتت دراسة حديثة تم نشرها في مجلة "الوقاية والمؤشرات الحيوية لعلم الأوبئة السرطانية" أن من يتناولون القهوة بشكل منتظم تقل عندهم مخاطر الإصابة بسرطان الرأس والرقبة بنسبة 39%، كما أن حالات الإصابة بسرطان الفم والحلق تقل بشكل ملحوظ لدى من يتناولون 4 فناجين أو أكثر من القهوة يومياً.
وأوضحت رئيسة فريق البحث د. ميا حاشيبي أن القهوة تحتوي على أكثر من 1000 مادة كيماوية بعضها مضادة للأكسدة والبعض الآخر مضاد للطفرات الجينية، وأردفت ميا التي تشغل كرسي أستاذ مساعد بكلية طب جامعة يوتاه بالولايات المتحدة الأمريكية أنه من المهم جداً أن تقوم دراسة مستقبلية بتحديد أي من المواد الموجودة في القهوة تؤدي للنتائج التي توصلنا إليها.
من جانب آخر، أشارت دراسة أجراها علماء الأمراض العصبية في جامعة لشبونة في أوائل عام 2010 أن القهوة يمكن أن تقي من تدهور الجهاز العصبي الذي يصاحب الاضطرابات العقلية والشيخوخة، واكتشف الباحثون أن تناول حوالي 4 فناجين من القهوة يومياً على مدى طويل أدى بالفعل للوقاية من تدهور الذاكرة.
كما أشارت دراسة أجرتها جمعية أيوا لصحة النساء بالولايات المتحدة إلى أن القهوة ذات فائدة كبرى للقلب والأوعية الدموية، حيث إن النساء اللاتي يتناولن حوالي 3فناجين يومياً تقل لديهم احتمالات الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 24%. وتابع الباحثون حالات 27 ألف سيدة على مدى 15 عاماً واتضح أن هذه الفائدة تتضائل إذا زاد عدد الفناجين التي يتم تناولها يومياً على ثلاثة.
وتعرضت القهوة في الكثير من الأبحاث للعديد من الانتقادات نظراً للاعتقاد الشائع أنها تزيد من مخاطر الإصابة بالأزمات القلبية وأمراض الشريان التاجي لكن الدارسات الحديثة أثبتت أن العكس هو الصحيح، فقد ذكرت دراسة أجريت في كلية الطب بجامعة هارفارد عام 2009 أن تناول القهوة يقلل من احتمالات الإصابة بأزمة قلبية بنسبة 19% عند النساء، وشملت الدراسة 83 ألف امرأة أمريكية ودراسة معدلات تناول القهوة لديهن ونسب إصابتهن بالأمراض القلبية على مدى 25 عاماً.
وترى أبحاث أخرى أن تناول القهوة بشكل منتظم يساعد على الوقاية من العديد من أنواع السرطان، وأشارت دراسة تم تقديمها عام 2009 في مؤتمر أبحاث الوقاية من السرطان الذي تقيمه الجمعية الأمريكية لأبحاث السرطان إلى أن القهوة تقلل من حدة سرطان البروستاتا عند الرجال بنسبة 60%، وذلك من خلال متابعة حالات 50 ألف رجل على مدى 20 عاماً.
وتلعب القهوة دوراً مهماً في الوقاية من سرطان الكبد بنسبة 41% كما أشارت دراسة تم نشرها في مجلة "طب الكبد"، واكتشف القائمون على الدراسة أن المواد التي تحتويها القهوة تساعد على منع عمل الإنزيمات التي تقوم بتفاعلات كيمياوية تسممية تساعد على تكوين الخلايا السرطانية وبالتالي الإصابة بسرطان الكبد الذي يعتبر ثالث نوع سرطان في عدد الوفيات على مستوى العالم.
كما أشارت دراسات أخرى إلى أن القهوة تقي من العديد من أورام المخ بالإضافة لسرطان بطانة الرحم.
ورغم أن بعض مكونات القهوة قد تؤدي لاضطرابات في الأمعاء الجهاز الهضمي إلا أنها لا تتسبب في الشعور بالحموضة كما هو شائع، وعلى عكس هذا كشفت دراسة قام بها الباحثون في برنامج أبحاث علوم الطعام الجزيئية في جامعة فيينا أن القهوة تحتوي على مادة تسمى إن-ميثيل بيريدنم - تمنع إفراز المواد الحمضية وهذة المادة تتركز في القهوة الغامقة وتحديداً الإسبرسو والمزيج الفرنسي.
ورغم الفوائد المتعددة للقهوة إلا أن ليس كل المواد الكيماوية التي تحتويها مفيدة بل أن بعضها ضار بالصحة، حيث يقول جو شوارتز، أستاذ الكيمياء بجامعة ماجيل إن فنجان القهوة يحتوي على حوالي 10 ميليغرامات من المواد المسرطنة مثل البنزين وفورمالديهايد. لكن يقول خبراء آخرون إن نسبة هذه المواد في القهوة ضئيلة جداً بحيث أنها لا يمكن أن تزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان بل ثبت في عدة دراسات أنها تساعد على الوقاية منه.
وتعتبر القهوة المصدر الأول لمضادات الأكسدة عند الكبار وهي بالتالي تساعد على منع تدمير الخلايا، كما أشارت دراسة قامت بها جامعة سكرانتون في ولاية بنسلفانيا الأمريكية وقد تم تمويلها بواسطة المعهد الأمريكي لأبحاث الكاكاو، ويؤكد جو فنسون رئيس فريق البحث أن الأمريكيين يحصلون على معظم المواد المضادة للأكسدة من القهوة أكثر من أي مصدر غذائي آخر"، مضيفاً: "لا يوجد مصدر آخر يمكن أن يضاهيها أو حتى يقاربها".
بينما تساعد المواد المضادة للأكسدة على منع تدمير الخلايا والوقاية من الاضطرابات المصاحبة للشيخوخة لم يتأكد العلماء حتى الآن أنها السبب الرئيس وراء فوائد القهوة رغم أنها المرشح الأول، حيث يحتوي فنجان القهوة الواحد على العديد من المركبات العضوية وغير العضوية مثل مركبات الفينول وميلانودين ودايتربين. كما تحتوي حبات القهوة على حمض الكلوروجينيك الذي يساعد على الهضم وفقاً لدراسة نشرت في مجلة التغذية الإكلينيكية.
أضرار القهوة
تحتوي القهوة على "الكافيين" وهي مادة محفزة لهذا فإن الإفراط في تناولها قد يؤدي للإصابة بالصداع والهياج العصبي وسرعة ضربات القلب، وهنا تجدر الإشارة إلى أنه حتى القهوة منزوعة الكافيين تحتوي على آثار هذه المادة حيث إنه لا يمكن نزعها تماماً.
وصرحت وزارة الصحة والخدمات البشرية في الولايات المتحدة أن الجرعة الآمنة التي ينصح بتناولها هي 300 ميليغرامات للناضجين ومن 35 لـ40 ميليغرامات للأطفال. بينما كان هناك اعتقاد شائع أن الكافيين ضار للنساء أثناء فترة الحمل كشفت الوزارة أن لا توجد مخاطر على الجنين إذا لم تتجاوز الجرعة اليومية 300 ميليغرامات.
وعلى الجانب الآخر أضافت الوزارة أن السيدات اللاتي يتناولن أكثر من 300 ميليغرامات يومياً تقل لديهن احتمالات الحمل، بينما أشارت دراسة قامت بها شعبة كايزر للأبحاث الدائمة إلى أن تناول كميات كبيرة من الكافيين أي ما يعادل أكثر من فنجانين قهوة أو خمسة من عبوات صودا الكافيين الـ12 أونصة يزيد من احتمالات الإجهاض.
في جميع الأحوال يجب الأخذ في الاعتبار أن رد فعل تجاه المواد الكيماوية الموجودة في القهوة يختلف من شخص لآخر، كما تقول ميا حاشيبي.
"إن عملية تأيض الكافيين والمواد الأخرى في القهوة تختلف من شخص لآخر فبينما تؤثر على ضربات القلب وضغط الدم وساعات النوم بشكل سلبي لدى بعض الناس تكون ذات فوائد كبرى لدى آخرين لذا لا يمكن إصدار توصيات عامة تنطبق على الجميع".