العَقَّاد، عباس محمود (1307-1384هـ، 1889- 1964م). عباس محمود العقاد. أديب وسياسي وصحفي وشاعر مصري، وأحد أعلام الفكر الأدبي والفلسفي في القرن العشرين. ولد بمدينة أسوان وبها استهل تعليمه الابتدائي، ولكنه لم يتجاوز هذه المرحلة في التعليم لعدم توفر المدارس الحديثة في مدينته البعيدة عن الحواضر المصرية الكبرى، ولأن أسرته عجزت عن إرساله إلى القاهرة لمواصلة تعليمه، كما كان يفعل الكثيرون في بدايات القرن العشرين. لكن هذا الانقطاع عن التعليم المنتظم لم يقف حاجزًا بين العقاد والمعرفة الحديثة؛ إذ أهله ذكاؤه الحاد وصبره ومثابرته لاكتساب ثقافة موسوعية مثيرة للدهشة والإعجاب. ولاشك أن إتقانه للإنجليزية مكنه من الاطلاع على المعرفة الغربية الحديثة في مصادرها الأصلية. وقد انعكس هذا بوضوح في مؤلفاته التي تكاد تشمل جميع فروع الإنسانيات من أدب ونقد واجتماع وفلسفة وعلم نفس وتاريخ وإسلاميات وسيرة وتراجم ورواية، فضلاً عن شاعريته.
بدت مواهبه الفكرية والصحفية من خلال كتاباته بصحف اللواء والجريدة والظاهر. ثم ترك الوظيفة ليعمل محررًا في الدستور عام 1907م حتى 1909م، بعدها عمل بالتدريس، ثم عمل بصحف المؤيد والأهالي والأهرام، وبعد ثورة عام 1919م انضم إلى حزب الوفد حيث حظي بثقة سعد زغلول، وأصبح الكاتب السياسي للحزب. عمل بصحيفة البلاغ (1923م) وحُكم عليه بالسجن لمدة تسعة أشهر عام 1930م بتهمة العيب في الذات الملكية. خرج على حزب الوفد عام 1935م ووجه انتقاده له وأصبح في جانب الملك ضد الوفد وانتقد معاهدة 1936م. عمل في أخبار اليوم (1944م)، ثم في الأساس. واختير عضوًا في مجلس الشيوخ. داوم على الكتابة بصحيفة الأخبار منذ عام 1953م حتى وفاته.
ولعل أهم إنجازات العقاد تتمثل من جهة أولى في رؤيته النقدية الجديدة للكتابة الشعرية؛ إذ تمكن من خلال جماعة الديوان، التي أسسها مع إبراهيم المازني وعبدالرحمن شكري، من الإعلان عن مدرسة شعرية جديدة تدعو إلى تغيير الأنماط الشعرية السائدة التي كان أحمد شوقي أبرز ممثليها ورموزها. وهي دعوة للوحدة العضوية في القصيدة. انظر: الشعر. ومن جهة ثانية فإنَّ كتابات العقاد القصصية السردية شكلت تيارًا متميزًا في طريقة كتابة السير والتراجم. أما من حيث الأساليب فهي تعتمد على لغة التحليل المعرفي، الاستنباطي ـ التأويلي، الذي تكون وظيفته الأساسية إضاءة جملة الظروف النفسية والاجتماعية والتاريخية للشخصية المركزية في القصة. من هذا التطور كتب روايته المشهورة سارة وسلسلة عبقرياته التي شملت الشخصيات الأساسية في الفترة الأولى من تاريخ الحضارة العربية الإسلامية، وعلى رأسها الرسول ³ وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وخالد، رضي الله عنهم، ولاقت رواجًا كبيرًا بين القراء لم ينقطع حتى اليوم.
وكانت له ندوة أسبوعية تعقد في صالون منزله يرتادها كبار الأدباء والمفكرين.
وقدرة العقاد الشعرية لاتقل عن قدرته النقدية، فدواوينه حافلة بالتجارب الصادقة ذات الطابع الفكري والدلالة الاجتماعية العميقة. يقول:
صغيرٌ يطلب الكِبَرا وشيخ وَدَّ لو صَغُرا
وخالٍ يشتهي عملا وذو عملٍ به ضَجِرا
وربُّ المال في تَعَبٍ وفي تعبٍ من افتقرا
فهل حاروا على الأقدار أم هم حَيَّروا القدرا
ومن رقيق شعره العاطفي قوله:
يارجائي وسلوتي وعزائي ** وأليفي إذا اجتواني الأليفُ
نَبِّئيني، فلست أعلم ماذا ** منك قلبي بحسنه مشغوفُ
كل حسن أراك أكبر منه** إن معناكِ تالدٌ وطريفُ
إن حبًا ياقلب ليس بمنسيك** جمالَ الجميل حب ضعيفُ
وكذلك قوله:
شذا زهر ولازهر ** وأين الظل والنهرُ؟
ربيع رياضنا ولى ** أمن أعطافك النَّشرُ؟
وأَنظر لا أرى بدرًا** أأنتِ الليلةَ البدرُ؟
صنَّف العقاد نحو 83 كتابا منها: عن الله؛ عبقرية محمّد؛ عبقرية الصّديق؛ عبقرية عمر؛ عبقرية علي؛ عبقرية خالد؛ رجعة إلى أبي العلاء؛ الفصول؛ ساعات بين الكتب؛ ابن الرومي؛ المرأة في القرآن؛ الصديقة بنت الصديق؛ المطالعات؛ إبليس؛ هتلر؛ مجمع الأحياء، وغيرها.