يمثل الرجل في الأسرة دور الربان في السفينة، وهذا لا يعني إلغاء دور المرأة ، فالحياة الزوجية مشاركة بين الرجل والمرأة، رأس المال فيها المودة والرحمة ، والرجل عليه واجبات تحمل أعباء الحياة ومسئولياتها ، وتحمل مشكلاتها ، وكما أن للمرأة حقوقًا على زوجها ، فإن له حقوقًا عليها ، إذا قامت بها سعد وسعدت ، وعاشا حياة طيبة كريمة ،
قال تعالى: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم} [البقرة: 228] .
وقد سألت السيدة عائشة -رضي الله عنها- رسول الله ، فقالت: أي الناس أعظم حقًّا على المرأة ؟ قال: (زوجها)، فقالت: فأي الناس أعظم حقًّا على الرجل؟ قال: (أمه) [الحاكم، والبزار].
وللرجل على المرأة حق القوامة ، فعلى المرأة أن تستأذن زوجها في الخروج من البيت ، أو الإنفاق من ماله ، أو نحو ذلك ، ولكن ليس للزوج أن يسيء فهم معنى القوامة ، فيمنع زوجته من الخروج ، إذا كان لها عذر مقبول ، كصلة الرحم أو قضاء بعض الحاجات الضرورية . فما أكرم النساء إلا كريم ، وما أهانهن إلا لئيم.
والقوامة للرجل دون المرأة ، فالرجل له القدرة على تحمل مشاق العمل ، وتبعات الحياة ، ويستطيع أن ينظر إلى الأمور نظرة مستقبلية ، فيقدم ما حقه التقديم ، ويؤخر ما حقه التأخير،
قال تعالى : {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} [النساء: 34] .
ومن الحقوق التي يجب على الزوجة القيام بها تجاه زوجها :
1- الطاعة :
أوجب الإسلام على المرأة طاعة زوجها ، ما لم يأمرها بمعصية الله تعالى ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وقد أعدَّ الله تعالى لها الجنة إذا أحسنت طاعته،
فقال : (إذا صلَّت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحفظت فرجها ، وأطاعت زوجها ، قيل لها : ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت) [أحمد، والطبراني].
وقال أيضًا: (أيما امرأة ماتت، وزوجها عنها راضٍ ؛ دخلت الجنة) [ابن ماجه].
وروى عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال : جاءت امرأة إلى النبي فقالت: يا رسول الله. أنا وافدة النساء إليك ؛ هذا الجهاد كتبه الله على الرجال ، فإن يصيبوا أجروا ، وإن قتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون ، ونحن معشر النساء نقوم عليهم ، فما لنا من ذلك ؟ فقال : (أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج ، واعترافًا بحقه يعدل ذلك (أي: يساويه (وقليل منكن من يفعله) [البزار، والطبراني].
2- تلبية رغبة الزوج في الجماع :
يجب على المرأة أن تطيع زوجها إذا طلبها للجماع ، درءًا للفتنة ، وإشباعًا للشهوة ،
قال : (إن المرأة تقبل في صورة شيطان ، وتدبر في صورة شيطان ، فإذا رأى أحدكم من امرأة ما يعجبه فليأتِ أهله ، فإن ذلك يرد ما في نفسه) [مسلم].
وقال أيضًا : (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فلم تأته، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح) [البخاري، ومسلم، وأحمد].
ولا طاعة للزوج في الجماع إذا كان هناك مانع شرعي عند زوجته ،
ومن ذلك :
- أن تكون المرأة في حيض أو نفاس .
- أن تكون صائمة صيام فرض ؛ كشهر رمضان ، أو نذر ، أوقضاء ، أو كفارة ، أما في الليل فيحل له أن يجامعها ؛
لقوله تعالى: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن} [البقرة: 187] .
- أن تكون مُحْرِمَة بحج أو عمرة .
أن يكون قد طلب جماعها في دبرها
ما يحلّ للرجل من زوجته في فترة حيضها:
يحرم على الرجل أن يجامع زوجته وهي حائض ؛
لقوله تعالى : {فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن} [البقرة: 222]، ويجوز للرجل أن يستمتع بزوجته فيما دون فرجها.
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله كان يأمر إحدانا إذا كانتْ حائضًا أن تأتزر ويباشرها فوق الإزار. [مسلم].
فإذا جامع الرجل زوجته وهي حائض ، وكان عالمًا بالتحريم ، فقد ارتكب كبيرة من الكبائر، عليه أن يتوب منها ، وعليه أن يتصدق بدينار إن كان الوطء في أول الحيض، وبنصف دينار إن كان في آخره؛
لقوله : (إذا واقع الرجل أهله، وهي حائض، إن كان دمًا أحمر فليتصدَّقْ بدينار، وإن كان أصفر فليتصدَّقْ بنصف دينار)_[أبو داود، والحاكم].
ويقاس النفاس على الحيض.
3- التزين لزوجها :
حيث يجب على المرأة أن تتزين لزوجها ، وأن تبدو له في كل يوم كأنها عروس في ليلة زفافها، وقد عرفت أنواع من الزينة على عهد النبي ؛ كالكحل ، والحناء ، والعطر.
قال : (عليكم بالإثمد، فإنه يجلو البصر، وينبت الشعر) [الترمذي ، والنسائي].
وكانت النساء تتزين بالحلي ، وترتدي الثياب المصبوغة بالعُصْفُر (وهو لون أحمر) ، وقد أمر النبي صحابته ألا يدخل أحدهم على زوجته فجأة عند عودته من السفر؛ حتى تتهيأ وتتزين له ، فعن جابر-رضي الله عنه -أن النبي نهى أن يَطْرُقَ الرجل أهله ليلاً. [متفق عليه].
وما أبدع تلك الصورة التي تحكيها إحدى الزوجات، فتقول : إن زوجي رجل يحتطب (يقطع الأخشاب، ويجمعه من الجبل ، ثم ينزل إلى السوق فيبيعها ، ويشترى ما يحتاجه بيتنا ) ، أُحِسُّ بالعناء الذي لقيه في سبيل رزقنا ، وأحس بحرارة عطشه في الجبل تكاد تحرق حلقي ، فأعد له الماء البارد ؛ حتى إذا قدم وجده ، وقد نَسَّقْتُ متاعي ، وأعددت له طعامه ، ثم وقفتُ أنتظره في أحسن ثيابي ، فإذا ولج (دخل) الباب ، استقبلته كما تستقبل العروسُ الذي عَشِقَتْهُ ، فسلمتُ نفسي إليه ، فإن أراد الراحة أعنته عليها ، وإن أرادني كنت بين ذراعيه كالطفلة الصغيرة يتلهى بها أبوها. وهكذا ينبغي أن تكون كل زوجة
مع زوجها. فعلى المرأة أن تَتَعَرَّف الزينة التي يحبها زوجها، فتتحلى بها ، وتجود فيها ، وعليها أن تعرف ما لا يحبه فتتركه إرضاءً وإسعادًا له، وتتحسَّس كل ما يسره في هذا الجانب.
4- حق الاستئذان :
ويجب على المرأة أن تستأذن زوجها في أمور كثيرة منها صيام التطوع، حيث يحرم عليها أن تصوم بغير إذنه،
قال : (لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد (أي: حاضر) إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه) [متفق عليه].
وقال أيضًا: (ومن حق الزوج على الزوجة ألا تصوم إلا بإذنه، فإن فعلت جاعت وعطشت ولا يقبل منها) [الطبراني].
ولا يجوز للمرأة أن تأذن في بيت زوجها إلا بإذنه، ولا أن تخرج من بيتها لغير حاجة إلا بإذنه.
عن ابن عباس وابن عمر قالا: أتت امرأة من خثعم إلى الرسول فقالت: إني امرأة أيِّم (لا زوج لي)، وأريد أن أتزوج، فما حق الزوج؟ قال : (إن حق الزوج على الزوجة : إذا أرادها فراودها وهي على ظهر بعير لا تمنعه، ومن حقه ألا تعطي شيئًا من بيته إلا بإذنه ، فإن فعلتْ كان الوزر عليها، والأجر له، ومن حقه ألا تصوم تطوعًا إلا بإذنه، فإن فعلت جاعت وعطشت ، ولم يُتقبَّل منها ، وإن خرجت من بيتها بغير إذنه لعنتها الملائكة حتى ترجع إلى بيته أو أن تتوب) [البيهقى، والطبراني].
5- المحافظة على عرضه وماله :
يجب على المرأة أن تحافظ على عرضها ، وأن تصونه عن الشبهات ، ففي ذلك إرضاء للزوج، وأن تحفظ مال زوجها فلاتبدده ، ولاتنفقه في غير مصارفه الشرعية ، فحسن التدبير نصف المعيشة ، وللزوجة أن تنفق من مال زوجها بإذنه. عن عائشة -رضي الله عنها- قالت : إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها -غير مفسدة- كان لها أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجره بما كسب. [مسلم].
6- الاعتراف بفضله :
يسعى الرجل ويكدح ؛ لينفق على زوجته وأولاده، ويوفر لهم حياة هادئة سعيدة، بعيدة عن ذل الحاجة والسؤال ، والرجل يحصن زوجته بالجماع ، ويكفيها مئونة مواجهة مشاكل الحياة ؛ ولذا قال النبي : (لو أمرت أحدًا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، من عظم حقه عليها) [أبو داود، والترمذي، وابن حبان].
وقد حذر النبي النساء أن يجحدن فضل أزواجهن ،
فقال : (اطلعتُ في النار، فإذا أكثر أهلها النساء ؛ يكفرن العشير، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئًا، قالت : ما رأيت منك خيرًا قط) [البخاري].
ولا يخفى على الزوجة عظم فضل زوجها عليها، فعليها أن تديم شكره والثناء عليه؛ لتكون بذلك شاكرة لله رب العالمين.
7- خدمة الزوج :
الزوجة المسلمة تقوم بما عليها من واجبات، تجاه زوجها وبيتها وأولادها وهي راضية، تبتغي بذلك رضا ربِّها تعالى، فقد كانت أسماء بنت أبي بكر تخدم زوجها الزبير بن العوام -رضي الله عنه- في البيت، وكان له فرس، فكانتْ تقوم على أمره.
كما كانت فاطمة -رضي الله عنها، بنت رسول الله -- تقوم بالخدمة في بيت علي بن أبي طالب زوجها، ولم تستنكف عن القيام باحتياجاته ، ولما طلبت من رسول الله خادمًا يعينها على شئون البيت ، ولم يكن ذلك متوفرًا ، أمرها الرسول بأن تذكر الله إذا أوت إلى فراشها ، فتسبح وتحمد وتكبر، فهذا عون لها على ما تعانيه من مشقة.