تقع جزيرة جربة في الرّكن الجنوبيّ الغربيّ من الحوض الشّرقي للمتوسّط بخليج ڨابس أو ما يعرف ب"سرت الصّغرى" عند القدامى ممّا يجعلها منفتحة في ذات الوقت على المتوسّط و الصّحراء. وشكلها أقرب عموما إلى المربّع إذ يبلغ أقصى الامتداد بين الشّمال و الجنوب قرابة 29,5 كم في حين يبلغ أقصي امتداد لها من الشّرق إلى الغرب 29 كم ويبلغ طول سواحلها 125 كم أمّا مساحتها فتبلغ 514 كم2. وترتبط الجزيرة بالقارّة الإفريقيّة بمنفذين أحدهما بحريّ اِنطلاقا من آجيم حيث يوجد مضيق يفصل الجزيرة عن القارّة، يبلغ اتساعه كيلومترين أمّا الثّاني فهو برّي اِنطلاقا من الڨنطرة بواسطة طريق يشقّ البحر تعود جذوره إلى العهد الرّوماني. هذا بالإضافة إلى موانئ عديدة كانت منذ القديم و إلى اليوم نقاطا رئيسيّة لإرساء البواخر و وتوجد أبرز هذه الموانئ بحومة السّوڨ بالسّاحل الشّماليّ و آجيم بالسّاحل الغربيّ و الڨنطرة بالسّاحل الجنوبيّ وتمرّ بقرب هذه الموانئ أودية تحت مائيّة تسمح بوصول السّفن ولذلك أنشئت حول هذه الموانئ تحصينات دفاعيّة لمنع الأعداء من اختراقها.
تقع جربة آجيم بالجنوب الغربي لجزيرة جربة من ولاية مدنين، يحدها من الشرق بلدية جربة ميدون و من الجوف بلدية جربة حومة السوق و يربطها ببقية مناطق الولاية بحرا بطاحات جربة و برا القنطرة الرومانية.
وتتميّز تضاريسها البحريّة بوجود حزام من القيعان الضّحلة والمصطبات البحريّة يطوّقها من أغلب الجهات وقد وفّر لها على مدى قرون حصانة طبيعيّة تمنع السّفن الحربيّة من الوصول إلى سواحلها . ولكن بجنوبها الغربيّ تتّخذ بحيرة بوغرارة شكل حوض يصل عمقه أحيانا إلى 54 م. ولكن يغلب على سواحل الجزيرة الانبساط.
وبالنّسبة لتضاريسها البرّية ,وإذا استثنينا مناطقها الوسطى حيث يصل الارتفاع عن سطح الأرض إلى 53 م, فإنّ الجزيرة في معظمها منبسطة وخالية من المرتفعات فكلّ مجالها هو عبارة عن سهل تتخلّله بعض المرتفعات. وتربة الجزيرة رمليّة أمّا باطنها فيختزن الطّين الجبسيّ. وتكسو الطّين الجبسيّ قشرة كلسيّه صلبة و سميكة توفّر حجارة "الصمّ" الصّلبة المستعملة في البناء . وإلى جانب تلك القشرة الصّلبة توجد في مناطق مختلفة من الجزيرة قشرة كلسيّه أخرى توفّر الحجارة اللّينة ،الغنيّة بالموادّ الجيريّة الّتي يطلق عليها محليّا اسم "الشّخش" و الّتي تستعمل كذلك ضمن مواد البناء. وتوضّح الدّراسات الّتي تعقّبت مسار التّطور الجيولوجيّ الّذي عرفته الجزيرة بأنّها قد أدركت شكلها الرّاهن خلال الزّمن الجيولوجيّ الرّابع بعد انفصالها عن القارّة.
المناخ
مناخ البحر الأبيض المتوسط الدافئة نسبيا جربة. متوسط درجة الحرارة من السنة هو القريب 20C°ال فصل الشتاء تنخفض درجة الحرارة نادرا ما أدناه 10 °C. جربة إذا قمت بزيارة خلال فصل الصيف توخي الحذر من حروق الشمس. يمكن درجة حرارة تتجاوز40C°
تختص الجزيرة بمناخ متوسّطي، يتميّز خاصة بأمطار ضعيفة ( حوالي 200مم / في السنة) و تعتبر درجات الحرارة متوسطة و تتراوح الدّرجات القصوى و الدّنيا بين 8,4 و 32,7 درجة.
تتعرّض الجزيرة إلى رياح غربيّة و شماليّة غربيّة خلال أشهر نوفمبر و ديسمبر وجانفي وفيفري بينما تهيمن في بقية السّنة الرّياح الشّرقيّة و الشّماليّة الشّرقيّة و تتعرّض الجزيرة منذ أواخر فصل الرّبيع و خلال فصل الصّيف إلى رياح الشّهيلي الحارّة. ومن خصائص جزيرة جربة أيضا نسبة الرّطوبة العالية و اِعتدال حرارتها كامل السّنة حيث يبلغ معدّلها السّنوي 20.1 درجة و تقسّم السّنة إلى فترتين: فترة حارّة تمتّد من شهر ماي إلى شهر أكتوبر لا تنزل خلالها درجات الحرارة إلى أقلّ من 20 درجة وفترة غير حارّة تمتدّ من شهر نوفمبر إلى شهر مارس لا يتجاوز خلالها معدّل الحرارة 19 درجة.
المعطيات الفيزيائية و الطبيعية تبرز فقر الجزيرة المادي و قسوة الطبيعة بها. فالتربة الغنية بها قليلة الامتداد إضافة إلى صعوبة سقيها نظرا إلى هيمنة المياه المالحة. وتتميّز الجزيرة بقلّة أمطارها إذ أنّ المعدّل السّنويّ للتّساقطات في حدود 200 مم وهذه الأمطار غير منتظمة و شديدة التّقلب بين الفصول و السّنوات. أمّا مياهها الجوفيّة فهي قليلة العذوبة إذ تنحصر المياه العذبة خاصّة في شمال الجزيرة الشّرقيّ.
عادات تقليدية: المنزل
تحدث الكثيرون على جمال و روعه جزيرة جربة كواجهة سياحية فريده و لكن لم ينصفوها بالحديث على جمال العمارة فيها، حيث أنها تحتوي على نمط فريد من المعمار رغم تطور الحياة الحضارية الا انها نجحت في الحفاظ على خصوصيتها. فالمنزل في جزيرة جربة يطلقون عليه اسم " الحوش " و هو عبارة على عدة غرف يجمعه فناء واحد و الغرفة يطلقون عليها اسم "بِــيت" و من هنا اتت كلمة بيت في اللهجة التونسية على الغرفةو هو منزل يقيم فيه الاب و الأبناء.
انه منزل منطو على ذاته اى يتجه نحو الداخل و ليس له معالم نحو الخارج و ما يميزه اللون الأبيض هو الطاغى على لون المنازل ويكون المنزل محاط بأرض مزروعه نخيل و زيتون و اشجار مثمرة. ويكون المجلس خارج اسوار المنزل والباب ذو طراز إسلامي ، مزين بالجبس ،و النافذة، من الفرفوجيه المذهب ، اختاروا ان يفرشوا الحصير الذهبي الذي يتحمل هذه الجلسة تكون عادة خاصة للرجال، ليتسامروا بالليل.
وفي مدخل المنزل يوجد الفناء او الحوش كما يطلقون عليه و يطل عليه كل الغرف و المطبخ و الخ و لا ننسى الجرة الكبيرة ، التي تعوض الثلاجه لبروده الماءو نلاحظ ان النوافذ منخفضة و هذه مهارة من مهارات المعماريين في جربة فالنوافذ المنخفضة تحمى الغُرف من الحرارة و الضوء .
ان اللون الأبيض و الأزرق هو الطاغى على المعمار التونسي سوى كان ذلك في العاصمة—مدينة سيدى بوسعيد—مرورا بالحمامات وصولا إلى جزيرة جربة. و الأبناء يتزوجون في هذا المنزل و كل منهم لدية بيته الخاص او غرفته الخاصة فهذا المنزل يورث من الأجداد هذه الغرفة التقليدية في جزيرة جربة تتكون من طابقين الطابق الارضى ، يكون عبارة على صالة صغيرة او غرفة معيشة مطبخ صغير و حمام. يكون هناك سلم يصعد بك إلى الطابق الأول او كما يطلق عليه اسم [ السدة ] و هو عبارة على غرفة النوم. ومن الجدير بالذكر أن في هذا الفن المعمارى ان البناء يكون فقط بالحجارة و بالتالى نتحصل على غرف بارده في وهج الصيف و دافئة في الشتاء البارد.
و المعمار الجربي يعتبر بيئى جدا فالارض تكون مطلية بالكلس و الفتحات في الغرف ، هى موجوده لتهوئة الغرف أكثر ما يمكن و يعتبر تناسق الألوان من أهم مميزات المعمار الجربي و الألوان مستمده من اللون الرمال المنثورة على كامل الجزيرة بدأ من اللون الأبيض مرورا باللون الذهبي وصولا إلى اللون الارض.
كما هو حال سائر بيوت جربة فان السلم مستوحى من الهندسة الموجودة في المساجد فهو يشكل صلة الوصول بين الاجزاء المشتركة و الأجواء الحميمه من الموجودة في الطابق الأول من المنزل. في العادة تكون غرفة الجد فيها تناسق الألوان راائع جدا مزيح من اللون الاورنج و اللون القرمزي و تتميز بالكليم او السجاد الجربى بتصاميمه التي تحكى على الحياة.
فالمنزل لا يزال العديد من سكان جزيرة جربة يحتفظون به و يحتفظون معه بالوحده العائلة الا ان جربة شهدت في الاونه الاخيرة تغيرات جذرية في الحوش الجربى اذا يتقاطع كل ماهو حديثى و تقليدى في جربة.استغل اهل المنزل هنا فكرة الخزانات لجمع المياه في الشتاءليطبقها على هذا المسبح و هنا تظهر مهارات المعماريين في كيفية تناسق و تمازج الألوان و حافظوا على الصفة الاساسية في المنزل إذ هو يتجه نحو الداخل و ليس نحو الخارج و حافظوا على النخيل و بنو المنزل حوله ، ليضفى جمالا على المكان و يعطيها طابعها التقليدى. و الأقواس و الأبواب المقوسة و الأبواب الصغيرة في الخارج هى من علامات المنزل في جربة و للالوان دور مهم في منازل جربة :إذ العنصر الاساسى هو للشعور بالراحة في جزيرة معروفة بشمسها الحارة.و غرف نوم تتميز بخصوصياتها فالسرير هنا ، عبارة عن مكان يقع بناءه بالحجر و يزين باعمده الجبس و بالاقواس حتى يحافظ على خصوصيته والفتحات التي كانت في الحائط ، تم اغلاقها بباب منقوش يحكى تاريخ جربة و يعطى انطباع أكثر على التحفظ.و هذه الطريقة أيضا متبعه لغرفة المعيشة التي تتسم باقل ما يمكن من الاثاث و تكتفى بالمرقوم و السجاد في فصل الصيف لمقاوة الحرارة.
و لعل أكثر شئ يسعى أبناء الجزيرة للحفاظ عليه مع كل هذه التغيرات هو طريقة الاضاءةفالاضاءة لا تنبعث من السقف بل من الجدران و يوجد في كل زاوية فانوسا ، يحكى على كل الحضارات التي مرت بها الجزيرة و هذا ما يعطى الحميمية للبيت الجربى و يوثق أكثر اواصر العائلة الكبيرة. يعتبر الحديد المشغول ، عنصرا هاما في ديكور جربة إذ هو يعبر على هويتها مختلف الاثاث الموجود كالطاولة المنخفضة هو نسخة عن الاثاث القديم و الخزفيات هو عنوان جربة ، و التي لا يمكن ان تجد منزل خالية منها.نجح أبناء الجزيرة المدافعين الشرسين على فن عمارتهم بالدمج بين التقليد و الحداثة وهذا النمط المتبع يؤمن للمنزل احساس بالحميمية و الراحة.
ان الهندسة التي يتميز يها فن العمارة في جربة، تُعتبر بسيطة و نقية فلا يوجد فيها اى نوع من التفاخر ، اذا لا يوجد هندسة على الجدران.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]