من أعلى قمة في نابلس ..العشرات يصعدون إلى قمة عيبال ويفترشون الثلج سجادة لصلاتهم ..
شاهد صور
تتفاوت طقوس استقبال المواطنين للزائر الأبيض الذي كسا الأرض وقمم الجبال من منطقة لأخرى ومن فئة لأخرى ولكل منهم عادات مختلفة مستمدة من واقع بيئتهم ، ولكن الفرحة تجمعهم بقدومه ، وكثيرون من جسدوا لوحات فنية بقدومه في غاية الروعة ومنهم من رسم جداريات ومنهم من هتف بالأغاني الشعبية .
أما أبناء بلدة عصيرة الشمالية قرب نابلس كان لفرحتهم شكل آخر وهدف آخر ، فلم يقدروا أن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام جمالية المنظر الساحر الذي ميز قمة جبل عيبال المطل على البلدة فوجود نقطة عسكرية إسرائيلية على قمته لم تمنعهم من الصعود إليه ، فهبوا جميعا هبة الرجل الواحد غير آبهين بالمخاطر التي تنتظرهم أمام عتاد وقوة جنود الاحتلال من منطلق إيمانهم القوي أن هذه الأرض لهم ولا يحق لأي كان أن يحرمهم فرحة الوصول إليها واستقبال الزائر الأبيض هناك .
مخاطرة كبيرة
ما أن وصل العشرات من أبناء عصيرة الشمالية وبرفقتهم شبان من القرى المحيطة إلى قمة عيبال حتى بدا جنود الاحتلال بالتصدي لهم ، وكان الشاب محمد عثامنة (19) عام قد وصف صعودهم لقمة الجبل بالمخاطرة الكبيرة إلا انه قد حقق حلمه بالصعود إلى قمة عيبال الرائعة والتي ازدادت روعة بزيها الأبيض والأروع من ذلك يقول عثامنة أن الثلج كان قد وحد شباب البلدة من كافة التوجهات السياسية فكانوا يدا واحدة يواجهون خطرا واحدا في سبيل الشعور بمتعة واحدة وبالفعل قررنا الصعود لعيبال وبدأنا رويدا رويدا بالاقتراب من الشيك المقام عند النقطة العسكرية وعندها خرج جنود الاحتلال مدججين بأسلحتهم وطالبونا بالمغادرة والابتعاد عن الشيك ولكننا تجاهلنا وجودهم وبدأنا اللعب بالثلج والتقاط الصور مرة للشباب مع الثلج ومرة لجنود الاحتلال اللذين تصدوا لنا وبين الشاب عثامنة أن هذه التجربة من أجمل مغامرات حياته التي لن ينساها وسيبقى يحدث عنها رغم الغاز المسيل للدموع الذي تجرعه ووابل الرصاص الذي تتطاير من فوق رأسه .
أما مصطفى ياسين (22) عام قال " هي المرة الأولى التي يتجرأ بها أهل البلدة بالوصول إلى قمة عيبال ومواجهة جنود الاحتلال وجها لوجه لكنه كان شعورا جميلا رغم المخاطرالا أن بياض الثلج وصفائه كان يمدنا بالأمان وملا قلوبنا بالطمأنينة ." ويضيف " إن جغرافية المكان هناك وتضاريس الجبل الذي يطل على بلدة عصيرة الشمالية والقرى المحيطة من جهة ومدينة نابلس وجبل جرزيم من جهة أخرى وجبال الأردن وقلعة عجلون كل هذه التضاريس زادها الرداء الأبيض جملا وجعلها تحفة فنية تسر عين الرائي جعلنا نزيد إصرارا على البقاء لأطول مدة ممكنة رغم إلقاء قنابل الغاز المسيل للدموع الأمر الذي أدى لإصابة عدد كبير من الشباب بحالات اختناق وضيق تنفس ورغم ذلك تحديناهم وبقينا على الجبل لنوصل لهم رسالة أن غازهم المسيل للدموع لن يشوه صورة الثلج بعيوننا وان هذه الأراضي لنا ولآبائنا ومن حقنا الاستمتاع بها والوصول إليها متى شئنا .
ويعبر غيث جوابرة 20 عام عن فرحته وانه كان ينتظر نزول الثلج بفارغ الصبر ليعيش مع عيبال لحظات لاتنسى والتقاط الصور التذكارية في ارض جده المسلوبة والتي تقدر مساحتها ب10 دونمات وكانت مزروعة بأشجار الزيتون وكروم العنب التي لم يعد لها اليوم أثرا .
وبين جهاد جوابرة 30 عام " أن وصولهم لقمة عيبال المحتل متحدين جنود الاحتلال والرصاص الذي كان يتطاير فوق رؤوسهم وقنابل الغاز المسيل للدموع الذي حول المنطقة لضباب اسود كان بمثابة انتصار لهم فقام العديد من الشباب برفع إشارة النصر مازاد جنود الاحتلال عنجهية وشراسة " ويضيف جوابرة " ما أن سمعنا صوت المؤذن ينادي لصلاة الظهر سارعنا بافتراش الثلج سجادة لنا على بعد مترين من الشيك وأقمنا الصلاة على جبل عيبال وأمام ناظر جنود الاحتلال وشكرنا الله على نعمته وحمايته لنا ومنحنا هذه الفرصة لنثبت لهم أن قوتنا وإيماننا بحقنا هو أقوى من اسلحتهمم وطياراتهم وصواريخهم ".
جبل عيبال أسطورة
جبل عيبال هو جبل يطل على مدينة نابلس في فلسطين هو أعلى قمة في سلسلة جبال نابلس الممتدة من الناصرة إلى مشارف القدس. ترتفع قمته المنبسطة 940 متراً فوق سطح البحر وهي تشرف على المنطقة بأسرها، حيث تظهر منه جبال لبنان والسلط والكرمل بالإضافة إلى وادي الأردن والساحل الغربي على البحر الأبيض المتوسط. وهو زاخر بالآثار الكثيرة، ففيه قبر المجاهدين مجير الدين وعماد الدين وعشرات الكهوف والمقابر الأثرية.
وقد تم السيطرة على جبل عيبال فعليا عام 1979 بوضع نقطة عسكرية إسرائيلية على قمته وعلى اثر ذلك تم مصادرة آلاف الدونمات من أراضي بلدة عصيرة الشمالية ومنع أهلها من الوصول إليها ، أما الأراضي المحيطة فيمنع أصحابها من الوصول إليها إلا بتنسيق امني فقط في موسم قطف الزيتون .
في 1 مارس 1998 تحطمت طائرة سلاح الجو ( إف 15 أيغل) على جبل عيبال. حيث كان الجبل مغطى بالضباب ، واحد من أجنحة الطائرة ضربت القمة ، ونتيجة لذلك قتل اثنين من الطيارين في الحادث .
تقول الروايات الدينية اليهودية القديمة أن عيبال مقدس لديهم بعكس السامريين الذي يعتقدون أن جبل جرزيم هو المقدس فقط وجبل عيبال على العكس تماماً !!