لماذا مات ؟

عل ذلك ما يجعلني أتحدث عن المرض والموت والمشافي والأدوية ، حيث أني أعايش ذلك يوميا تقريبا ، مع والدي الذي لا يلبث أن يغادر المشفى حتى يعود إليه .

حكايتي اليوم ليست بالطويلة . حدث ما شاهدته بعيني ، لكن والدي هو من أخبرني إياه . وإليكم الحكاية

-----

قررت أن أصطحب أمي معي في زيارة أبي لذلك اليوم . فقد تحسنت صحته والحمد لله ، ولم يعد راغبا أن أقضي الليل معه . فالأهل يملكون من الإيثار لأبنائهم ما لا يقدره الابناء . وللأسف .

كان ذلك اليوم هو اليوم الأول لدخول والدي إلى المشفى ، اصطحبه أخي للدخول صباحا حيث كنت في عملي . وبعد الظهر ، نسقت مع أمي للذهاب ، حيث أن أبي سيخضع لجرعة دواء كيماوي في الغد ، وهو لا يحتاج أحدا تلك الليلة . هكذا أخبرنا على الهاتف مؤثرا زوجي وأولادي عن نفسه .

ولجنا الغرفة ، بها ستة من الأسرة ، وستة مرضى . تتراوح أعمارهم بين الستين والخامسة والسبعين . أغلب نزلاء تلك الغرفة ممن يتعالجون من السرطان - كوالدي - والحمد لله على منته وفضله .

جلسنا إليه .. كان مبتسما سعيدا ، حيث أنه قد تناول طعام الغداء قبل أن نأتي بساعتين أو يزيد . وعلى غير عادته فقد تناول الطعام بشهية . أحضر له أخي - رضي الله عنه - دجاجة مشوية من مطعم أصبح يروق لأبي ، فأكل منها بشهية كان سعيدا بها ، لأنه - والحمد لله من قبل ومن بعد - ما عاد يشتهي كثيرا من الطعام .

المهم .. رحنا نتحدث ، كيف الحال قبل الجرعة ؟ وهل ظهرت نتائج الفحوصات المخبرية ؟ عندما تلاقت عيني - صدفة - بعيني المريض المقابل لوالدي في الغرفة . بادرته بالتحية والدعاء له بالرحمة والشفاء . رد التحية بخير منها ، وشكرني .

كان رجلا عريض المنكبين ، في الستين أو يزيد قليلا ، عفي الجسد ، يجلس إلى سريره مترقبا إذ لا زوار لديه .

- هل ترغب أن نكون بخصوصية أكبر ؟ سألت والدي وأنا أمسك بالستارة الخاصة بسريره . رد علي : نعم . فأغلقت الستارة .

قال والدي : لو تعلمان ما حدث قبل ساعة تقريبا ، أرأيت الرجل الذي حييته توا ؟ أجبت : نعم .

قال : بعد أن أنهيت طعامي ، راح رجل في آخر سرير يئن من الألم ، ويصيح مناديا على التمريض . جاء التمريض ، وقدموا له الخدمة وذهبوا . لم يتوقف الرجل عن الأنين والألم . أصبح صوته مرتفعا ليسبب الازعاج لنا جميعا . ولم يتوقف .

عاد التمريض مرة أخرى ، واستفسر وذهب . والأنين لا زال مستمرا والصوت المرتفع يصبح أكثر إزعاجا للجميع .

عندها .. ودونما سابق إنذار .

((( يكفي هذا .. هل تعتقد أنك المريض الوحيد .. إصمت فقد أزعجتنا ولا أريد أن أسمع صوتك .. كفانا ذلك .. فعلا أنك مريض سيء الخلق بإزعاجك لغيرك )))

كانت هذه الكلمات تخرج وبدون سابق إنذار من المريض الذي سلمت عليه قبل قليل . وكانت حادة جارحة . ومرتفعة بائنة واضحة .

صمت الأنين .. لم يرد المريض الذي كان يئن نهائيا .. لم ينادي مرة أخرى .. لم يطلب التمريض بعدها .

لكن التمريض جاء بعد دقيقة . حيث كان قد ذهب ليعد دواء ما . جاء للمريض . فوجده قد مات

مــــــات

مات

هكذا ... وببساطة مات .

حاول التمريض أن يفعل .. الأطباء .. لكن أمر الله قد نفذ .

----------

انتهت حكاية أبي .. صعقت من خاتمتها .

أبي الآن بالبيت والحمد لله . لكن القصة لا زالت تقفز إلى ذهني . ومعها يلوح سؤال كبير : لماذا مات ؟

قد يقول أحدكم : مات لأن أجله قد انتهى . أو لأن الله قد أمر . أنا أعلم تماما ذلك ، فكل شيء بأمر الله ، والله قال كذلك إن لكل شيء سببا ، فسؤالي هو عن السبب .

ويبقى السؤال :

لماذا مات ؟

مشكور اخي موضوع جميل

مشكوووووووور اخي

إذا كانت الأمور تجري وفقًا لـ :
رغبتك كنت محظوظًا ,
ولكن إذا لم تكن كذلك..!

كنت اكثر حظًا
لـ انها تجري وفقًا لـ : رغبةِ الله

مشكور اخي