من أين أبدأ الحكاية ! .
أبذكر الدليل ؟ . أم بذكر المسألة ؟ , على عرف الفقهاء في تسميتهما , وعلى عرف المتفقهين في استعمالهما , أو أمِن الحديث ؟ . أم من القصة ؟ , كما يطلق أهل القصص , ومن سار على خطاهم في تسمية الأشياء .
المهم أن هناك حيرة تشغل فكري , وحزنا ملك شعوري , وكلاما ملء به صدري .
فالحيرة من ذلك الدليل , وذلك الحديث , والحزن في إعمال هذا الدليل , وهذا الحديث , والكلام عن الدليل وعن الحديث .
لقد وُجدْنا في زمن ـ والحمد للّه ـ بدأ الإسلام يجد له إقامة بين أهله , فكأننا به يهم بعصى الترحال ليكسرها , لكن هذه الإقامه فيها ازورار منه , وفيها نظرة لأهله خفية , يتحسسهم وذويه , هل هم مستبشرون بعودته ؟ , وهل هم مشتاقون إليه ؟ .
وهل هم يطبقون ما علمهم ؟ , بما في علمه من حق للمتعلم , وواجب عليه , أم ما فيه حق له طلبه وحرص عليه , وما فيه واجب عليه سكت عنه وأجهد ضميره في تناسيه ؟ .
أو ما فيه حق له صحيح الدليل , واضح الدِّلالة لاغبار عليه ! , وما فيه واجب عليه في صحته نظر , وفي لغته حمال أوجه ! .
أو ما فيه حق له هو الواجب وهو الفرض ! , من جاء به فهو المأجور , ومن تركه فقد كفر , وما فيه واجب عليه هو السنة و الحسنة , فإن أداه فله حسنة , وإن تركه فلا إثم عليه , ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
أو ما فيه حق له كتاب مؤقت ! , أجمع أهل العلم واللغة والتفسير أنّ تأويله: " يدخل وقته من حين سماع من وقع عليه الحق , فهم الدليل أو لم يفهمه , وعلق إسلامه بتأدية الحق الذي عليه , وآخر الوقت بنطق آخر حرف من الدليل " انتهى بلفظه !. إذن وقت حقه أضيق من وقت المغرب! . وما فيه واجب عليه أجمع أهل العلم واللغة والتفسير : " أنه كذلك كتاب مؤقت , على أنه نسيئه " كذلك انتهى بلفظه ! . إذن وقت واجبه مفتوح إلى بعد طلوع الشمس من مغربها , وخروج الدابة ...".
أو ما فيه حق له فمن أداه , فهو من أهل السنة والجماعة , ومن لم يؤده رفعت الجماعة فوق رأسه كالظلة , فهو في غربة عن جماعته إلى أن يؤدي ما كتب عليه ! , وما فيه واجب عليه فإن في تركه أو تأخيره إتباع لدليل أهل السنة والجماعة ! , والدليل هو حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ! أو كما ذكر في الحديث , ووجه الاستشهاد به , أن من بين السبعة متصدق لم تعلم شماله ما أنفقت يمينه , وتأويله أن من عليه الواجب , هو يتحرى تلك الساعة التي تكون فيها يمينه في غيبوبة حتى تنفق شماله ! , وهكذا لا يقع في الرياء , وهو كما تعلم الشرك الخفي ! , وبالطبع لا تكون هذه الساعة حتى ولو طلعت الشمس من مغربها , وخرج الدجال , وخرجت الدابة ...
هل هم بحاجة إليه مثل ما يقولون ؟ , أو مثل ما نقل إليه ؟ , أم في رجوعه وعودته ثقل ؟ , وفي استقباله مشقة , وهم في غنية عنه .
أسئلة يطرحها الإسلام على نفسه , يبحث لها عن جواب بين أهله , وهو كما قلت لك ينفض غبار الغربة عن كتفيه , وهو صاحب قلب حساس , إن وجد اهتماما به , و أداء لعلمه مثل ما علم , أقام واستوطن , وساعد المحتاج و المضطر , فإنه كامل مرضي , ويهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أنّ لهم أجرا كبيرا وإن وجد غيرها رحل عنا وفي الأخير نحن الذين نخسر .
مراد رضا