يطالبون بافتتاح مراكز للعناية ببشرتهم كالنساء
مراهقون يقتنون كريمات تمليس الشعر ومواد التجميل
يجمع المتجولون في الشوارع الجزائرية من كبار السن على أن ملامح الرجولة القديمة ورموزها التي ظلت تلازم صورة الفرد الرجل الجزائري وتميزه عن بقية رجال العالم قد تلاشت أغلبها إن لم نقل زالت بشكل شبه كلي، فمعظم شبان اليوم يعتمدون على المجلات الغربية في تصفيف شعورهم واعتماد طريقة حلاقة جديدة بالإضافة إلى بحثهم المستمر عن طرق وأساليب للحماية من الشمس أو استعمال الشمع لإزالة الشعر.
وإذا كان الإقبال عليها في السنوات الماضية يتم في نطاق محدود وخِفية خشية تعليقات أقاربهم وسخرية المحيطين بهم، إلا أن الأمر تعدى هذه الحدود وتجاوزها ليصبح الشاب يتفاخر على أصدقائه بذكر العلامات والماركات التي يستخدمها، ولأن محلات بيع مواد التجميل أصبحت مقصدا لهم توجهنا إلى المركز التجاري "القدس" بالشراقة، وهناك وقفنا على التهافت الكبير لرجال ببدلات وربطات عنق، يبحثون عن أفضل أنواع الكريمات الواقية من الشمس، وجدنا داخل أحد المحلات رجلاً يتحدث بطريقة توحي بأنه زبونٌ قديم ومتعوِّد على شرائها قائلا: "أريد علبة من كريم الحماية من الشمس"، ولما مدَّه البائع بإحدى الماركات احتج وطلب منه تغييرها موضحا أنه لا يناسب بشرته سوى الماركة "فيشي"، فهو معتاد على جلبها من فرنسا لكن بسبب أشغاله اضطر لشرائها مؤقتا من الجزائر، مضيفا "وأريد كريم لإزالة الحبوب السوداء والتقليل من دهون البشرة وقناعا لتفتيح لون البشرة"، وهو ما هالنا وجعلنا نعتقد للوهلة الأولى أن الطلبات تخص إحدى السيدات خاصة وأنه راح يقلِّبها ويختبر القليل منها على طرف يده دون حرج، ولما لمس دهشتنا عقب مرددا: "الأمر عادي جدا أنا أحرص على العناية بنفسي "فالله جميل يحب الجمال".
في حين يجد "ت. ز" 25 سنة، متحصل على شهادة ليسانس في العلوم الاقتصادية، تردده على محلات التجميل أمرا عاديا فعصرنا يفرض ضرورة العناية بالمظهر، ولأنه يعمل كعون تجاري يجب أن يكون في كامل أناقته وأبَّهته، فعثر في الكريمات النسوية ما يساعده على تحسين مظهره منها باستعمال الشمع لإزالة شعر اللحية وتهذيب الحاجبين قليلا بنتفهما بالإضافة إلى بعض المواد التي تضفي على البشرة نعومة وصفاءً، مستطردا أن كبريات شركات التجميل تصنع مواد خاصة بالرجال وعلى مراكز العناية بالبشرة في الجزائر الراغبة في الاستثمار أن تفتح أبوابها أمامهم، لأن هذه الشريحة من الرجال تعدُّ استثمارا تجاريا هاما بالنسبة للباعة.
وهو ما يعدّه صاحب محل لبيع مواد التجميل من القبة، بالأمر العادي جدا وليس بالجديد، فالحصول على مظهر أنيق ليس حكرا على النساء، مواصلا أن التكنولوجيا العصرية وانتشار الدراما التركية وتصدر نجوم هوليود "البوكس أوفيس" كل أسبوع جعلهم محط أنظار وإعجاب الشبان، فليس كل من يشتري مواد تجميل هو مخنّث متشبه بالنساء كما هو شائع في مجتمعنا، بل إن هناك من يستعملها فقط من باب التعود والتقليد ليتوقف عن الحديث بعد طلب أحد المراهقين كريما لتمليس الشعر.
وحول الموضوع، أوضحت الإخصائية النفسانية "بوقاسي وردة": أن بعض الرجال يقومون بنتف الحواجب ووضع الأقنعة لعدة أسباب منها: التأثر بالإعلام الغربي والذي يهتم بكل ما هو موضة وما يطرحه من مواد التجميل، فنجد الكثير من المراهقين يلجؤون إلى ذلك لأنهم في مرحلة البحث عن الهوية والذات والتقليد معروف عندهم.
وآخرون بغرض البحث عن الاهتمام من طرف الغير سواء من النساء، أو حتى من نفس الجنس وهنا نجد فئة المثلين.
لتضيف الإخصائية "بوقاسي" أن هناك فئة أخيرة تعاني من "الفراغ الداخلي"، فكل فرد لديه جانب خارجي يتمثل في الشكل وجانب داخلي المقومات الشخصية والروحية، فعندما يطغي الجانب الخارجي يكون لغياب الجانب الداخلي والذي يعتمد على تقبُّل الذات كما هي، تنمية المعنويات، فالرجل يكون ضحية عندما ينشأ في وسط اجتماعي سطحي يهتم بالظواهر والماديات وحياة الترف.